هيكلة الحقل الديني

هيكلة الحقل الديني

01 مارس 2015
+ الخط -
كيف سيدار الحوار بين السلطات الفرنسية وممثلي المسلمين في بلد الأنوار؟ وألا تعتبر هذه المحاولة متأخرة، فقد كان من الممكن أن يكون لها تأثير كبير وفعال، لو جرى إقرار مثل هذه الخطوة منذ سنوات، بدل الانجرار وراء الخيارات الأمنية التي ولدت كل ذلك العنف، والعنف المضاد في بلاد تقول عن نفسها، إنها ترسخ قيم الجمهورية وتحل المساواة عقيدة مثلى ضمن ما تؤمن به من قيم ومثل.
فقد أعلنت الحكومة الفرنسية، الأربعاء الماضي، أن "هيئة للحوار" مع ممثلي المسلمين في فرنسا ستشكل بحلول الصيف المقبل، وهو القرار الذي يأتي بعد نحو شهرين من الهجمات التي استهدفت صحيفة شارلي إيبدو.

كيف ستكون تشكيلة هذه الهيئة، وما هي طبيعتها؟ الجواب حمله وزير الداخلية الفرنسي، برنار كازنوف، الذي قال، إن هذه الهيئة ستضم المجلس الفرنسي للدين الإسلامي، الذي أنشئ في 2003 برعاية الحكومة، وأئمةً ومثقفينً اشترط فيهم أن يكونوا "يمثلون الإسلام المعتدل المتسامح".
وقبل هذا، كان رئيس الوزراء، مانويل فالس، قد بدأ التحرك في هذا الاتجاه، حيث أعلن في 12 فبراير/شباط الجاري عن جولة من المشاورات حول مستقبل تنظيم الدين الإسلامي في فرنسا، وذلك في إشارة إلى أن الهيئات الموجودة حاليّاً، غير قادرة على تلبية احتياجات المسلمين في فرنسا المقدر عددهم بخمسة ملايين شخص، وهذه الحاجيات تتزايد وتتعاظم في ظل التحديات التي تحيط بهذه الجاليات العربية والمسلمة، في وقت شديد الحساسية ومرهون بتحديات غاية في الصعوبة والتعقيد.
وزير الداخلية الفرنسي وضع مبادئ الإطار القانوني لهذه الهيئة، حيث ستجتمع "مرتين في السنة حول رئيس الوزراء من أجل معالجة مسائل محددة، على أن تتولى الهيئة إعداد الأئمة والذبح على الطريقة الإسلامية ضمن الاحترام الصارم لمبادئ العلمانية".
وسيخضع هؤلاء الأئمة لتكوين صارمٍ وسينالون شهادات جامعية، خصوصاً في مجال الإرشاد الديني، وسيعمل هؤلاء في قطاعات الجيش والسجون، وتتعهد فرنسا بالمقابل بحماية مبادئ الجمهورية، وتوفير هذه الحماية لجميع أبنائها والتعهد بحماية المساجد من كل الأفعال المناهضة للمسلمين".
هذه الرزنامة الجديدة التي ستعمل الحكومة الفرنسية على تنفيذها بعد أحداث شارلي إيبدو، قوامها إعادة هيكلة الحقل الديني في فرنسا ومراقبة أكبر لمجال الإرشاد وعمل الأئمة، ضمن ما تعتبره فرنسا القيم الكبرى المؤسسة لمبادئ الجمهورية.
لكن المخاوف أن تكون هذه المحاولة مجرد عمل استعراضي لا يلامس القضايا الحقيقية لأسئلة جاليات عربية تتطلع إلى تعزيز الثقة فيها كمكون من مكونات المجتمع الفرنسي.

المساهمون