رمضان.. طبعة خامسة بعيداً عن الوطن

رمضان.. طبعة خامسة بعيداً عن الوطن

05 يوليو 2015
مسلمون في مسجد خلال تراويح شهر رمضان(الأناضول)
+ الخط -
حزن وألم يرافق أجوائي الرمضانية في بلاد الغربة بعيداً عن أهلي وعائلتي، شوق وحنين لذاك المذاق غير الاعتيادي الذي أستشعره في بلدي الأم، سورية.
رمضاني الخامس على التوالي يهل علي بعيداً عن رائحة الوطن، عن بسمة أمي وهي تعد الأطباق الشهية والوجبات لمائدة رمضانية غنية، بعيداً عن وجه والدي المرهق حد التعب نتيجة الصيام، وهو يقرأ بصوت خافت آيات من الذكر الحكيم.
في غربتي تأبى الذاكرة إلا أن تعود بي إلى تلك العادات واللمات العائلية حول سفرة رمضان الخيرة، تعود بي إلى أصوات المنشدين تصدح في المساجد مهللة برمضان شهر الرحمة والغفران ومرحبة بخير الأشهر عند رب العباد، تذكرني بصوت المدفع، الذي ينتظره الدمشقيون معلناً لحظة الإفطار أو لحظة الإمساك عن الطعام.
هنا في المهجر شوق كبير وحنين يعتصرني لروحانية هذا الشهر المبارك، والطمأنينة التي يبعثها في نفوسنا ونحن بين أهلنا وإخوتنا. في الغربة لا يوجد شيء يوحي بتلك الأجواء المباركة، التي يتسم بها رمضان، لأن وتيرة الحياة تمضي دون تغيير، رمضان هنا هادئ لا يسمع له صوت لكن قلوب المسلمين في المهجر تضج مع بعضها لتخلق تلك الأجواء، وتستشعر روحانية رمضان وقدسيته من خلال الاجتماع مع العائلات العربية المسلمة على موائد الإفطار، لعل ذلك يخفف من آلامها وحزنها جراء الغربة والظروف القاسية، التي يعيشها وطننا بفعل الحرب القاسية.
لقد كان لجاليتنا العربية والإسلامية عظيم الأثر في جمع قلوب المسلمين، ولمِّ شتاتها مع بعضها بعضاً بعد ان أنهكتها الغربة وقسوتها، علّها تنسى أو تتناسى آلامها وبعدها عن وطنها.
تلك القلوب التي تتسارع إلى استحضار أجواء رمضانية، رغم بعدها عن وطنها، ورغم أساها، من خلال قراءة القرآن في المساجد، وصلاة التراويح جماعة، وعمل الخيرات والتصدق على الفقراء، وبذلك تتواصل أرواحهم مع العالم الإسلامي أجمع.
واليوم في غربتي أجلس مع أطفالي وزوجي حول مائدة رمضان، نتبادل الدعاء لبلدنا الغارق في حرب أطاحت بالكثيرين من الأبرياء وشردت آلاف العائلات، راجين الله عز وجل أن يعيد الأمن والأمان والطمأنينة لقلوب أهلها وقاطنيها. ويعود السلام لكل البلاد العربية والإسلامية.
(باحثة عربية في الدراسات القانونية)