جاليات حيّة... تحركات عرب المهجر مع القدس مستمرة

جاليات حيّة... تحركات عرب المهجر مع القدس مستمرة

23 ديسمبر 2017
تظاهرت الجاليات العربية تنديداً بقرار ترامب (العربي الجديد)
+ الخط -


شهدت العديد من المدن الأميركية الكبرى مظاهرات شارك فيها عدة آلاف. ونظمت تلك التظاهرات مؤسسات محلية أميركية وعربية ومسلمة.
وما يشير إلى النفوذ المتزايد لحراك شباب المهجر من الأميركيين العرب، مشاركة منظمات تُعنى بحقوق الأقليات في الولايات المتحدة، كالأميركيين من أصول أفريقية، والسكان الأصليين للولايات المتحدة (الهنود الحمر).

ومثلما خرجت الجاليات، أمس الجمعة 15 ديسمبر، في عدد من التحركات، فإن أيام الجمع القادمة على موعد بتزايدها مع تطورات الوضع في فلسطين.
وفي أغلب تحركات العرب الأميركيين وغيرهم ممن يعارضون قرار ترامب، لوحظ انتشار اعتمار الكوفية الفلسطينية ورفع الأعلام ولافتات حملت شعارات منددة بالاحتلال وبسياسات الرئيس الأميركي.

وتنشط على الأراضي الأميركية العديد من المؤسسات العربية / فلسطينية، بالرغم من كل التحديات الكبرى التي يواجهها أبناء الجالية من الجانب الصهيوني، من أجل نشر التوعية والتأثير على الرأي العام الأميركي وصناع القرار في الكونغرس.

وتبرز من ضمن تلك المؤسسات، على سبيل المثال لا الحصر، "الحملة الأميركية لدعم حقوق الفلسطينيين" ومركزها واشنطن. كما تحاول مؤسسات أخرى أن تنشط على مستوى الإعلام، وتحاول استغلال الحيز الذي توفره وسائل التواصل الاجتماعي لنشر فيديوهات وأخبار عن فلسطين في الولايات المتحدة، من أجل توعية الرأي العام الأميركي، حيث تبقى الفرصة المتاحة أمامها في وسائل الإعلام الأميركية السائدة محدودة نسبيا.



الجيل الشاب الأميركي مؤثر
أصدر مغني البوب والهيب هوب الأميركي من أصول أفريقية، فيك مينسا، إحدى أغانيه التي عنوانها "يمكننا أن نكون أحرارا"، الأربعاء الماضي، وفيها مقاطع تربط نضال الأميركيين من أصول أفريقية والسكان الأصلين في الولايات المتحدة بنضال الفلسطينيين ضد الاستعمار الاستيطاني على أرضهم. ويشير الفيديو إلى التشابه في القمع والمعاناة، مع الاختلافات بين تلك المجموعات الثلاث.

وهذه ليست أول مرة يعلن فيها المغني الأميركي الشاب، مواليد 1993، عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني وحركة تحرره ويتحدث بشكل صريح ضد ما يحدث في فلسطين. وهذا الأمر ليس عاديا في أميركا، حيث يفضل الفنانون عامة الابتعاد عن الحديث في السياسة، فما بالك إذا كان الأمر متعلقا بدعم الفلسطينيين. وفي مقابلة مع برنامج "ذا ديلي شو" الشهير، قبل نحو شهر، تحدّث الشاب عن زيارته لفلسطين ومخيمات اللاجئين هناك، وكيف أثرت تلك الزيارة فيه.

نشطاء من الجاليات الفلسطينية (العربي الجديد)

 











 
 

أتت هذه الزيارة ضمن حملة يقودها العديد من الفلسطينيين الذين وُلدوا أو تربوا في الولايات المتحدة، وتهدف إلى خلق شبكة من التضامن مع القضية الفلسطينية، وهو ما يشير إلى تنامي دور الشباب في الساحة الأميركية.

ويبرز في هذا الاتجاه، أحمد أبو زنيد، من مؤسسي منظمة "دريم ديفنديرز" (المدافعون عن الأحلام)، قبل حوالي خمس سنوات. والمدافعون عن الأحلام تأسست من أجل دعم الأقليات في الولايات المتحدة والعمل على تمكينها والدفاع عن الحقوق المدنية والاجتماعية لهؤلاء، خاصة في ظل استمرار استهداف الشرطة الأميركية للسود والأميركيين من أصول لاتينية.

ولد أبو زنيد، الذي درس الحقوق، في القدس المحتلة، لكنه كبر وعاش أغلب حياته في الولايات المتحدة. تركت زياراته لفلسطين أثرا عليه جعله أكثر حساسية وفهما لما يحدث من عنصرية واضطهاد ضد الأقليات الأخرى في الولايات المتحدة. التشابه بين أوضاع السكان الأصليين والسود في الولايات المتحدة من جهة وبين أوضاع الفلسطينيين من جهة أخرى، على الرغم من اختلاف وخصوصية كل وضع، كان المحفز في وقت لاحق لتنظيم زيارات لفلسطين. ويشارك في تلك الزيارات قادة من حركات الدفاع عن حقوق السود والأقليات في الولايات المتحدة. وتهدف تلك الزيارات، إضافة إلى الاطلاع على أوضاع الفلسطينيين تحت الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 و1948، إلى ربط النضال الفلسطيني ونضال الأقليات الأخرى ببعضها البعض.

ويشعر الكثير من الأميركان من أصول أفريقية بأن المؤسسة الرسمية في الولايات المتحدة تتعامل معهم، خاصة في مناطق كفيرغسون وبالتيمور، والتي يشير إليها شريط الفيديو الموسيقي المذكور، وكأنهم أجانب وليسوا مواطنين لهم حقوق.

وشهدت تلك المدن احتجاجات عديدة تندد بعنف الشرطة الأميركية ومقتل العديد من الشباب السود في الولايات المتحدة على يد قوات الشرطة. ويشار في هذا السياق إلى أن العديد من عناصر الشرطة الأميركية في مدن كفيرغسون وسانت لويس مثلا تلقّى تدريبات على يد قوات الشرطة الإسرائيلية. وتبدو قوات الشرطة الأميركية في الكثير من الأحيان من جهة الأسلحة المستخدمة وتعاملها مع الأقليات وكأنها قوات جيش احتلال.

لعرب إسبانيا نصيب
وفي مدريد، تنادت الجالية العربية بكل مكوناتها ومؤسساتها وأفرادها للرد على قرار ترامب، بالتعاون مع الجمعيات الإسبانية المناصرة لفلسطين.

ومن أهم المؤسسات المبادرة إلى تنشيط حراك الجالية، تبرز "مؤسسة المكي مورسيا للثقافة والفنون"، بوقفة احتجاجية أمام مبنى السفارة الأميركية في مدريد، مساء الثلاثاء الماضي، بمشاركة عربية وإسبانية كبيرة، رفرفت فيها أعلام فلسطين عالياً في سماء العاصمة مدريد. وقالت رئيسة المؤسسة، المحامية الإسبانية، المغربية الأصل، ربيعة المكي مورسيا لـ"العربي الجديد" إن "تحرك الجاليات لا يأتي لأننا لسنا مندمجين، بل لأن الهوية والانتماء معادل للحياة، وقضية فلسطين مزروعة فينا، مهما ابتعدنا جغرافيا وفي أية حضارة تواجدنا. هنا في النظام الديمقراطي يحق لنا أن نرفع صوتنا".

عرب المهجر مع نشطاء إسبان (العربي الجديد)



 











أما نائبة رئيسة الجمعية، الكاتبة الاسبانية ماريا فيغتوريا كارو بيرنال، والمساهمة بفعالية لإنجاح التحركات، فقد قالت لـ"العربي الجديد": "أنا أرى أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي لم تزل تحتل شعبا وبلادا ليست بلادها، وتزوّر التاريخ، وتزوّر الحقائق، وبسبب عدم العدالة العالمية الحقيقية. وقرار ترامب وقاحة فاضحة".

وتضيف كارو بيرنال "فوجئنا بدعم كل تجمعات اليسار السياسي في مدريد لمظاهرتنا، بالإضافة إلى أحزاب أخرى، كما فوجئت بحضور الطلاب العرب واللاجئين السوريين، الذين لم أكن أعرف بوجودهم في مدريد. هي إذا مظاهرة للجالية العربية مع كل الشرفاء".


اتساع النشاط لن يتوقف...
ويبدو واضحا أن رقعة من التضامن مع الفلسطينيين وقضيتهم في الولايات المتحدة آخذة في الاتساع، خاصة من قبل الأقليات الأخرى. ويعيد مشهد التحرك بين الأميركيين العرب والفلسطينيين على الساحة الأميركية الحالة التي سادت منذ سبعينيات القرن الماضي، من تعاون وتضامن متبادل بين الفلسطينيين ومنظمة التحرير الفلسطينية وحركات تحررية مختلفة، كتلك التي قادها نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا، والفهود السود في الولايات المتحدة، وبدأ هذا الحراك يظهر للعيان مجددا في السنوات الأخيرة بطرق مختلفة.

وتحاول المنظمات الصهيونية أو الداعمة لها في الولايات المتحدة تشويه ومحاربة هذا التضامن، الذي يظهر على مستويات عدة، بالعديد من الطرق، من بينها محاربة الأفراد والمؤسسات التي تعلن تضامنها مع الفلسطينيين. وعلى الرغم من ذلك، فإن رقعة التضامن آخذة في الاتساع، في الوقت الذي تتسابق فيه أنظمة وشخصيات عربية على التطبيع مع الاحتلال وتشويه صورة نضال الشعب الفلسطيني.

فيديو الموسيقى التي يتطرق لها المقال
https://www.youtube.com/watch?v=SQqUuzIlb2k

المساهمون