مشاهدات.. أحوال عرب بلاد السامبا

مشاهدات.. أحوال عرب بلاد السامبا

05 ديسمبر 2015
مقهى عربي في ريودي جانيرو(العربي الجديد)
+ الخط -
ألبرتو خليل، وصل أسلافه إلى البرازيل عام 1891. جاء جده إلى ساو باولو من سورية. اليوم أصبح الحفيد ألبرتو رجل أعمال شهيرا بمنطقة كوباكابانا في مدينة ريو دي جانيرو، ثاني أكبر مدن البرازيل وأشهرها في العالم.
يقول إن البرازيل "أرض الفرص. عندما جاء جدي إلى هذه البلاد على متن الباخرة كان يحمل حقيبة صغيرة، وكثيرا من الأحلام".
ويضيف لـ"العربي الجديد" أن والده كان يتاجر في الأقمشة المنسوجة وملابس النساء. "كان يشحن سيارته ويخترق الأحياء الفقيرة في ساو باولو. يجلب معه منتجات الحواضر إلى القرى، وكانوا يلقبونه بالتركي".
الجالية العربية في البرازيل تتجاوز 13 مليون مهاجر. تنتشر في جميع الولايات الرئيسية للبرازيل، ويحمل أغلبهم أسماء عربية وبرازيلية، غير أن الأحفاد أضاعوا اللغة العربية في طريقهم نحو الاندماج في المجتمع الجديد. ومعظمهم استقر نهائيا في هذه الأرض الجديدة ولا يفكر نهائيا في الرجوع إلى وطن الأجداد.
في السبعينيات من القرن الماضي جاءت جاليات أخرى من فلسطين والأردن والعراق وشمال إفريقيا. في البداية، كان معظم المهاجرين العرب في البرازيل مسيحيين، ولكن في العقود الماضية التحق بهم المسلمون، لتشكل اليوم أعدادهم حوالي مليون ونصف المليون، حسب آخر إحصاء للسكان.
"لقد جاءوا بحثا عن حياة جديدة"، يقول خوسيه الأسمر، وهو صحافي برازيلي من ولاية غوياس، وابن مهاجرين لبنانيين.
يتكلم الأسمر اللغة البرتغالية المحلية، و إنجليزية أنيقة أيضا، لكن بضاعته في اللغة العربية قليلة. يشرح هذا قائلا: "المهاجرون العرب تكيّفوا مع هذه البلاد بشكل جيد للغاية، وانسجموا مع الشعب البرازيلي. ستجد حاليا العديد من العرب يحبون هذه البلاد أكثر من البرازيليين الأصليين".
يتابع هذا الصحافي الأوضاع الأمنية في الشرق الأوسط ويتحسر عن الوضع الأمني في المنطقة، قائلا: "سورية اليوم خطرة جدا، وحتى لبنان، فالتفجيرات التي وقعت في بيروت
مؤخرا تعني أن الشرق الأوسط يعيش حالة حرب".
ويؤكد الأسمر أن عائلته لا تزال تحافظ على التقاليد العربية وعلى بعض العادات. يرتاد المطاعم اللبنانية يحضر القهوة البرازيلية بالطريقة العربية، ويشير إلى أن الثقافة البرازيلية تأثرت بالعربية رغم الأعداد القليلة للمهاجرين العرب والمسلمين مقارنة بعدد سكان البرازيل البالغ 206 ملايين نسمة.
في ولاية بارانا، التي وصلتها أعداد كبيرة من المهاجرين العرب بين 1915 و1920، كانوا روادا في أعمال البناء، والخشب وصناعة الأثاث.
في جميع أنحاء البرازيل أصبحت كلمة "تركي" أو "عربي" مرادفة تماما لـ "رجل الأعمال". وقد كانوا عند قدر هذا اللقب، إذ يدير أحفاد المهاجرين الأوائل مئات الشركات والمصانع.
بيد أن مساهمة العرب في بناء الدولة الفتية لا يقتصر فقط على مجال الأعمال والصناعة، ولكن امتد أيضا إلى قطاع الخدمات، والسياسة، والصحة. بعظهم يتبوأ أعلى المناصب في هذه المجالات، فمثلا أديب جاتين معروف كأبرز طبيب لجراحة القلب في البرازيل، وفؤاد مطر هو رئيس شركة باراماونت للصناعات النسيجية. وفي ميدان السياسة، فنائب رئيسة البرازيل ديلما روسيف هو ميشال تامر حفيد مهاجر لبناني.
تتشابه جل قصص العرب في البرازيل، فأجدادهم اشتغلوا لعقود طويلة ليراكموا الثروة وأحيانا الأمجاد في المجتمع الجديد.
ألفونسو كمال يبلغ من العمر 60 عاما وهو مدير محل لبيع القهوة في منطقة إبينما في ريو دجانيرو، يقول لـ"العربي الجديد" إن جده وصل البرازيل في نهاية القرن الـ19 من مدينة حمص السورية، مضيفا "كان والدي يقول دائما البرازيل أرض الفرص. حين جاء جدي إلى هذه البلاد هرب من المجاعة، واضطهاد العثمانيين للعرب وفرض التجنيد الإجباري في لبنان وسورية".
تعاني البرازيل من الأحياء القزديرية التي تتاخم أحيانا ناطحات السحاب وأبنية فاخرة، حتى في ريو دي جانيرو، ثاني مدن البرازيل سكانا بعد ساو باولو، ومن أجمل المدن في العالم.
التأثيرات العربية امتدت إلى الموسيقى الشعبية أيضا. فالسامبا البرازيلية التقليدية تحمل بعض الملامح العربية كما الإفريقية، إذاً أصبحت أكبر المدارس في ولاية ريو دجانرو تستعمل الدف، وهي آلة موسيقية إيقاعية عربية قديمة.

المساهمون