"جائزة فولتير".. إلى الناشر الأسير

"جائزة فولتير".. إلى الناشر الأسير

05 مايو 2019
غرافيتي من شوارع القاهرة
+ الخط -

"مجتمع النشر العالمي يقف مع خالد لطفي"، هكذا وصف بيان "رابطة الناشرين الدوليين" منحه جائزة "فولتير الدولية" للناشر المصري الذي يقضي عقوبة حبسه خمسة أعوام في السجون المصرية.

بادرة الاتحاد تأتي للتذكير بقضية لطفي، الذي يعاقب إثر إعادة نشره كتاب "الملاك" الصادر عام 2016 للكاتب الإسرائيلي، يوري بار جوزيف، الأمر الذي أدى إلى إدانته بـ"إفشاء أسرار عسكرية"، وقد دمج بيان الجائزة بين الوقوف مع لطفي والتذكير بقضيته وبين التماس السلطة المصرية في أن تفرج عنه.

كيف يستقبل اتحاد الناشرين العرب هكذا خبر من دون أن يشعر بالتقصير والتخاذل؟ ولماذا تلعب المؤسسات الغربية أدواراً كان حرياً على الجهات العربية الحرة والمستقلة أن تقوم بها؟ فماذا فعل اتحاد الناشرين دفاعاً عن لطفي؟ آخر أخبار التماس الإفراج أو تخفيف الحكم عن صاحب مكتبة "تنمية" كان في شباط/ فبراير الماضي، بعد ذلك لف الصمت قصة لطفي، ولا يلوح في الأفق نية لفعل شيء.

قبل صدور الحكم قال مقربون من عائلة لطفي، إنها تتحاشى اللجوء إلى الصحافة والحملات الافتراضية، خائفة من "استفزاز السلطة" وبالتالي انتقامها، فأي دولة هذه التي يخشى المواطن استغضابها وأي قضاء عادل ومحكوم بـ"زعل" السلطة؟ أما بعد صدور الحكم، فقد حلّ اليأس من العدل محل الخوف من السلطة.

المفارقة، أننا سمعنا الأمر نفسه من أقارب وأصدقاء كتاب اعتقلوا في عُمان والسعودية والإمارات، فالقول بأنه لا ينبغي "استفزاز السلطة" بالصحافة ووسائل التواصل، يعني ضمنياً أن لا ضوابط ولا روابط على القضاء إن غضبت هذه السلطة.

إن قصة لطفي وقبله أحمد ناجي وقبلهما أشرف فياض وغيرهم كثير، والموقف السلبي للمؤسسات الثقافية العربية المستقلة، وتقاعسها عن الدفاع عن الكتّاب ونضيف اليوم الناشرين، ليست إلا نموذجاً عن طبيعة عمل هذه المؤسسات الترويحي الذي لا يقدم في الثقافة ولا يؤخر، وليس لها وزن حقيقي ولا مؤثر. أما الجوائز (التي تمنح في الغرب والشرق لأسباب مختلفة ليست كلها أدبية)، فلم نسمع من قبل بجائزة عربية بادر منظموها بمنحها كاتباً أسير نظام طاغية أو فناناً مفصولاً من نقابته بسبب آرائه السياسية، أو كاتباً معارضاً منفياً.

في مصر اليوم يعيش الناشر رعب الكاتب على حد سواء، وللأسف بتنا نشهد على كتّاب وصحافيين أصبحوا يخفضون أصواتهم، ويخففون من لهجة اعتراضاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، فيخشى المظلوم فيها من أن يزعج وحش الدولة في قيلولته، خاصة وأن هذه السلطة باقية لوقت طويل بنص الدستور.

المساهمون