حكمة الأسعد.. تلمّسات على جدار فيسبوك

حكمة الأسعد.. تلمّسات على جدار فيسبوك

29 يوليو 2014
تمّام عزام / سوريا
+ الخط -

وسط يأسه من دور النشر، وفي الظروف التي تعصف بسوريا، نشر حكمة شافي الأسعد (1979) مجموعته الشعرية الجديدة "نتلمس الكلمات على الجدار" في صفحة "مكتبة الأدب السوري" على الفيسبوك، وبحقوق نشر غير محفوظة.

وفي المجموعة التي تتضمن سبعة عشر نصاً مرقّمة وبلا عناوين، يسعى الأسعد إلى بناء قصيدة متخففة من أعبائها، تملأها تفاصيل عبثية، ويسجل الشاعر فيها هواجسه معيداً تشكيل الخراب جمالياً: "عينٌ واحدةٌ للطفل الصغير.. بسبب خللٍ فني/ لا أحد يلومه بعد الآن إذا نظر إلى الحياة بعينٍ/ واحدة".

يتعمّد الأسعد، الذي يأتي من أرض الوزن، كتابة نثرية سردية خارجة عن أي شكل إيقاعي. يكتب كمن يسجل تفاصيل عابرة في مذكرات تكمل بعضها بعضاً، ويقطعها أحياناً بمفرة "إلخ". وإذ يعاني من إحباط الشديد، كمعظم الشعراء السوريين، لكنه يجعل من إحباطه شيئاً جميلاً ومتحرّكاً لا يخلو من الفكاهة أحياناً: "كتبت قصيدةً عن الشارع وألّفت للسكان نشيداً/ وطنياً ضيقاً/ مثل قفازٍ مطاطي".

معظم نصوص المجموعة كُتبت في أيلول/ سبتمبر 2012 في مدينة تدمر، أي في المرحلة التي بدأ الحراك السوري فيها يدخل نفقه على أثر وضع التيارات الأصولية يدها على الانتفاضة السورية، وتطوّر مستوى العنف من قبل النظام الذي حصد بعض المقرّبين من الشاعر في دير الزور.

مآسٍ تحضر على شكل هواجس في قصيدة الأسعد التي تمسي مثل كائنٍ غريب وهجين، أرضاً موزاية، لها خرابها الخاص وعبثها الخاص: "في النزوح تحتج عشرون نملةً في صدري/ تطالبني بحبة قمحٍ ضائعة".

ومع هذا، تظلّ الكتابة في هذه المجموعة محمّلةً بجمالياتها المكثفة، بأملٍ عصيٍّ على الإدراك، يرتكز على ما تبقّى من إنسانية يراهن الشاعر عليها: "حين اشتقت إليكِ لمست جثةَ مقاتلٍ جانبي/ وشعرت به يبتسم.. حين اشتقت إليكِ تنفّست هواءً نقياً/ وكأنني لست في ثلاجة الموتى".

ثمة تفاوت بين نصوص المجموعة من حيث متانة التعبير وقوة الصور. لكنّ ذلك من طبيعة الكتابة التي يعتمدها الأسعد في بناء نصه، وتقوم على شفوية عفوية وعلى تداخل السرد بالشعر. ميزتان نلمسهما في الشعر السوري بشكلٍ عام بعد بداية الانتفاضة.

المساهمون