"شاشة تتحرك" فوق أرض غير مستوية

"شاشة تتحرك" فوق أرض غير مستوية

15 يونيو 2015
ملصق التظاهرة على حائط في قرية الاعتزاز
+ الخط -

كثيراً ما تُرفع في تونس شعارات "اللامركزية الثقافية" و"التوزيع العادل للثقافة على الجهات" غير أن النتائج الملموسة تبدو محتشمة، بل إن محاولة تجاوز الواقع لا تأتي غالباً من الجهات الرسمية، المسؤول الأول عن تنفيذ هذه التطلعات، وإنما عبر مبادرات فردية أو جمعياتية.

في هذا الإطار، تنظم "الجمعية التونسية للحراك الثقافي" و"جمعية السينما المتجوّلة سير" تظاهرة "شاشة تتحرك" تحت شعار "صفر مليم دعم" في إشارة تتهكم على عدم تمويل وزارة الثقافة لمبادرات مماثلة.

دورة هذا العام هي الثانية، وكان من المبرمج أن تقام من 1 آذار/ مارس إلى 30 حزيران/ يونيو، غير أن تأخّر السلطات في تمكين الجمعية من ترخيص تنظيم أنشطتها في الشارع، جعل هذه الدورة تُختصر من 13 حزيران/ يونيو إلى آخر الشهر (مع ترك المنظمين الملصقات الخاصة بالتظاهرة بالتواريخ الأصلية). علماً أن السنة الماضية شهدت 108 عرضاً، فيما تقتصر هذا العام على 15 عرضاً موزّعاً بين مدن وقرى تونسية مختلفة.

يقول رئيس جمعية "الحراك الثقافي"، رياض العبيدي لـ "العربي الجديد": "إصرارنا على تنظيم الدورة بالإمكانيات الذاتية رسالة لوزارة الثقافة أنه من حق الأطفال أن تصلهم الفنون في كل مكان في بلادنا"، ويضيف قائلاً "كما أننا ننطلق من رؤية تريد أن تثبت أن سياسة العمل الثقافي الموسمي فاشلة، علاوة على اقتصارها على المناطق السياحية من البلاد".

انطلقت فعاليات الدورة الجمعة الماضي، من مدينة الرقاب (وسط تونس) التي تعيش على وقع تحرّكات لجماعات إرهابية، لذلك فإن اختيار هذا الموقع ذو دلالة بحسب العبيدي، إذ يَعتبر أنه "يجب أن نبادر بطرح بديل أمام أطفال المنطقة عبر تقديم منتج سينمائي هادف وتوعيتهم بحقهم على المجتمع في الثقافة".

من جهتها، تقول منسقة التظاهرة، سارة طبوبي (جمعية السينما المتجولة): "أن فكرة التظاهرة تنطلق أيضاً من واقع السينما، حيث أن تونس بدأت تعاني من تصحّر في صالات العرض". وهي هنا تفتح على ملف حارق بخصوص توفر المرافق الثقافية في عدة أماكن من البلاد.

ولعلّ التظاهرة نفسها تواجه يومياً هذا العائق. ففي بعض المدن، توفر وزارة الثقافة التونسية فضاءات ولكن في مناطق أخرى يتعسّر ذلك. فمثلاً يقام عرض اليوم في قرية "الاعتزاز منزل بوزيان"، ونظراً لعدم توفر أي فضاء ستُعرض الأفلام على حائط أحد البيوت.

عموماً، تتمثل التظاهرة في برنامج مرن، حيث يقوم المُنظمون بتحديد منطقة جغرافية من تونس، ومن ثم اكتشاف قرى فيها. وتعتمد التظاهرة، على مستوى الدعاية لعروضها، على مجموعة من المتطوّعين والجمعيات المتعاونة في الجهات التي تزورها.

بعد كل عرض، يقوم المشرفون على التظاهرة بتأثيث نقاش مع الأطفال. ويُزمع المنظمون إقامة ندوة صحافية في ختام التظاهرة تنطلق من تجميع مشاركات الأطفال في هذه النقاشات، واعتبار مقترحاتهم توصيات حول الفنون والدراسة والسياسة الثقافية.

لتظاهرة "شاشة تتحرك" هدف ثان، وهو بحسب العبيدي: "الترويج للإنتاج السينمائي التونسي". تتنقل التظاهرة بستة أفلام تونسية قصيرة موجّهة للأطفال منها "بوبي" لـ مهدي برصاوي و"حكاية نور" لـ هادية بن عيشة و"الطفل الملك" لـ محمد حسين قريع و"دجاجة سبأ" لرفيق العمراني.

حول هذا الاختبار يقول العبيدي "حرصنا على إخراج أعمال مخرجين تونسيين من الرفوف وإيصالها إلى أطفال تونس كحل ممكن وبسيط لترويج منتوجهم السينمائي". من جهتها، تشير منسقة التظاهرة إلى عائق إضافي وهو "رفض عدة مخرجين السماح لهم بعرض أفلامهم إلا بعد دفع حقوق الملكية الفنية، مما يجعل قائمة الأفلام مُختصرة وغير قابلة للتجدد في الوقت الحالي".

تشير تظاهرة "شاشة تتحرك" إلى عدة ثغرات في الطرح الثقافي في تونس، وهي لا ترتكز سوى على المبادرات الفردية التي لا يمكن لها، رغم الجهد المبذول، أن توصل الحياة الثقافية إلى كامل التونسيين، بينما لا تشارك الدولة غالباً إلا بالمجهود الأدنى، لتظل عجلات الثقافة في تونس تسير بسرعات متفاوتة.

المساهمون