البلاد الأخرى

البلاد الأخرى

11 ديسمبر 2015
جبرا إبراهيم جبرا (1920 - 1994)
+ الخط -

لا يفوتني شتاءٌ دون العودة إلى جبرا إبراهيم جبرا، الذي تمرّ اليوم ذكرى رحيله الواحدة والعشرون. ولعلّ من محاسن الصدف أن أجده مُتاحاً في واحدة من مكتبات برشلونة.

هذا الشتاء اخترت روايته الصغيرة "الغرف الأخرى"، لأتمعّن في عالمها، وأنا أعاني من عزلة جبلية، ونوستالجيا تسخن أكثر كلما تدنّت درجاتُ الحرارة.

انتبهت إلى ما لم أُعره انتباهاً في الماضي: كأن جبرا هنا يكتب هموم المغتربين العرب، المثقّفين خصوصاً، وكأن تلك الهموم لم يطاولها تغييرٌ منذ صدرت الرواية قبل ثلاثة عقود.

كلّ ما حدث أنها ازدادت تشابكاً وعبثاً ومأساوية، حتى وصلنا إلى حافة الجرف. رواية غريبة عن السياق العام لمسار جبرا الروائي، ويصعب أن تقرأها فلا تسكنك ترجيعاتٌ من كافكا أو حتى أشباحه وكوابيسه.

هنا، حيث لا جغرافيا ولا هوية ولا ذاكرة، وأكاد أقول: لا زمن، فالزمن مجرّد يوم أو بعضه. إبهامٌ يُلقي بحجابه على كل شيء.

هل أراد جبرا، وقد أخبرني في "مهرجان شوقي وحافظ" الذي عُقد في القاهرة سنة 1982، أنه يوشك على إتمام رواية "غَلّبته"، وكان يقصد هذه الرواية، أن يلمّح أو يرمّز إلى ما ينتظرنا من نهايات، وكنا آنذاك خارجين من حصار بيروت، وداخلين في حرب مع إيران؟

قرأتُ الرواية تحت ثقل اللحظة الراهنة وفداحتها، وركّزت على الموضوع لا البناء الفنّي، وهو شأن لا يجوز بالطبع، ولا يليق بجبرا في كل الأحوال.
مع ذلك هذا ما حدث، فالمعذرة على التجنّي يا أبو سدير!


اقرأ أيضاً: أطلس مجهول

المساهمون