"آب بيت بيوت": ما يحدث حين نتجاهل تشيخوف

"آب بيت بيوت": ما يحدث حين نتجاهل تشيخوف

15 نوفمبر 2015
مشهد من المسرحية
+ الخط -

من الجيّد أن المخرجة سحر عسّاف، اهتدت إلى مشهد العشاء ووُفقت فيه في مسرحيتها "آب بيت بيوت"، التي تُعرض حالياً على خشبة مسرح "بابل" في بيروت. فلولا هذا المشهد لخرج المتلقي خالي الوفاض من عرض كان من المحزن أن يخفق لأسباب صغيرة، تتعلق بالمغالاة في التمثيل والحوار الضعيف والفوضى والمبالغة في ردود الفعل وخيارات السنوغرافيا غير الموفّقة.

وإن كنّا سنطبّق قاعدة تشيخوف التي ما تزال جوهرية في المسرح حول المسدّس الذي إن كنت ستضعه في الفصل الأول من المسرحية فلا بد أن تستخدمه في فصل آخر، فإن هذه القاعدة على أهميّتها غابت تماماً عن العرض. "آب بيت بيوت" مليء بما لا لزوم له وما هو فائض عن الحاجة وما هو وجوده بلا هدف.

الجمهور سيدخل إلى القاعة الخالية قبل ظهور الممثلين، وسيستمع إلى أغاني صباح فخري تملأ المكان، لا يوجد ما يبرّر صباح فخري سوى الرغبة في حشر سورية في النص. كيف؟ في ما بعد ستقول الشخصية أن لديها صورة زوجها الراحل في حلب وهو في جولة يوقع كتابه، وأنها تحب صباح فخري، وهكذا ببساطة دخلت سورية الحكاية بسطرين. سوى ذلك لا وجود لحلب في ما تبقى من العرض، ولم يكن هناك من مبرّر مسرحي لوجودها أساساً.

يبدأ العرض بأغنية "ألف بي بوباية" (أيضاً من الأمور التي لا مبرّر لاستخدامها)، ثم تنطلق الممثلة نوال كامل (الأم) بالعرض، الذي حملته بأدائها القوي، إلى جانب مي أوغدن سميث ومارسيل بو شقرا، منى مرعي وسحر عساف وإيلي يوسف.

العرض مقتبس عن النص الشهير August Osage County للأميركي ترايسي ليتس، والذي يروي قصة ثلاث شقيقات يجتمعن في بيت العائلة الريفي من جديد لدى اختفاء الأب الذي سيتبيّن أنه انتحر لاحقاً، فيعود ماضي العائلة إلى الحياة، وتجد كل شخصية فرصتها لتلقي اللوم على الأخرى.

الأم المصابة بسرطان الفم مدمنة على المهدّئات، وقادرة على قول أي شيء جارح، الشقيقات مشاكلهن الأساسية مع العائلة سببها إما الزواج أو التأخر في الزواج أو الحياة في القرية أو الهجرة منها.

تقيم العائلة مائدة العزاء التي تقام لإحياء ذكرى الراحل عادة، لكن الأم تستغلها لتفضح الكثير من أسرار العائلة ولكي تكون لئيمة مع الجميع. تنجح المخرجة والممثلون في هذا المشهد المتكامل، يساعد في ذلك النص المضبوط والانفعالات التي كانت في محلها.

وفيما يتعلق بالسينوغرافيا، فلم تساعد كثيراً على إثارة اهتمام المتلقي، لم تمثل بيتاً ريفياً كما هو مفترض، جدران تحرّكت للخلف دون هدف أو لخلل ما ربما، لم تكن مريحة للنظر أيضاً لا في الإضاءة ولا الألوان وفاقم الأمر مشكلة الصوت، فهو إمّا غير مسموع أو أن الشخصيات تصرخ.

ربما يتحسّن العرض مع الوقت، إذ أن ما شاهدناه في الحقيقة أشبه ما يكون ببروفا، كان من الشجاعة أن يشاركوا الجمهور فيها، المهم أن العروض ستستمر حتى السادس من كانون الأول/ ديسمبر، وحتى ذلك الوقت ربما تنتبه فرقة "تحويل"، صاحبة العرض، إلى مشاكل "آب بيت بيوت".


اقرأ أيضاً: فردوس الحكاية الكاذب.. ياعلي

المساهمون