مبعدو كنيسة المهد: ألم يزداد ومعاناة بلا نهاية

مبعدو كنيسة المهد: ألم يزداد ومعاناة بلا نهاية

02 مايو 2015
حرم المبعدون من ذويهم (عبد الحكيم أبورياش)
+ الخط -

"لم أستطع تقبيل يدّ والدي منذ ثلاثة عشر عاماً، بسبب منع الاحتلال الإسرائيلي له من زيارتي في غزة أو زيارتي له في بيت لحم، رغم سيل المناشدات التي بعثناها لمختلف الجهات، التي ردت بوعود بالعمل على تأمين زيارة ذوينا".

بهذه الكلمات عبر المبعد من كنيسة المهد إلى قطاع غزة فهمي كنعان، عن آلامه بعد أن وصلته مجموعة صور لوالده المريض، والتي نشرها على صفحته عبر "فيسبوك"، وكتب إلى جوارها: "وصلتني هذه الصور اليوم، جرحت فؤادي، لعدم تمكني من رؤية والدي الذي يعاني المرض".

حكاية مبعدي كنيسة المهد بدأت في عام 2002، عندما حاصرت قوات الاحتلال الاسرائيلي مجموعة نشطاء ومناضلين فلسطينيين داخل الكنيسة، وتم إبعاد 26 مناضلاً منهم إلى قطاع غزة، و13 آخرين إلى عدة دول أجنبية، في العاشر من مايو/آيار من العام نفسه.

معاناة المبعدين الذين احتموا في كنيسة المهد لمدة وصلت إلى 39 يوماً، وانتهت باتفاقية فلسطينية إسرائيلية من أجل رفع الحصار عن الكنيسة، تفاقمت خلال السنوات الثلاثة عشر الماضية، بخاصة في ظل منعهم من الخروج من قطاع غزة، أو السماح لذويهم بزيارتهم.

وقال كنعان لـ"العربي الجديد"، إنّ الأيام تمر ثقيلة على المبعدين في قطاع غزة، الذين يتعرضون لمعاناة متنوعة، مشيراً إلى أنه عندما تم إبعادهم تم إخبارهم بأنّ مدة الإبعاد في الاتفاقية بين السلطة وإسرائيل عامان فقط.

وأضاف: "بعد عدة شهور سندخل في السنة الرابعة عشرة على الإبعاد، دون أن يتم تحقيق أي من مطالبنا، في ظل منع ذوينا من زيارتنا"، موضحاً أنه وخلال السنوات السابقة لم يتمكن المبعدون من رؤية ذويهم سوى مرة واحدة عام 2003.

وتابع كنعان وقد ظهر الشوق واضحاً على ملامحه: "قلبي يؤلمني بعد أن أخبروني بسقوط والدي في البيت ما أدى إلى كسر فخده، رغم معاناته من مرض السكري والضغط وانسداد الشرايين. هناك مبعدون فقدوا ذويهم دون السماح لهم بالزيارة".

وأوضح كنعان أن المبعدين تواصلوا مع مختلف مؤسسات حقوق الإنسان، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والصليب الأحمر، والأمم المتحدة، والتنظيمات الفلسطينية، والقيادة الفلسطينية، وإدارة الشؤون المدنية من أجل إنهاء معاناة المبعدين وذويهم، لكن دون جدوى.

وناشد كنعان الرئيس محمود عباس تأمين زيارات لأهالي المبعدين في قطاع غزة، وإيجاد جهة تعنى بهم، داعياً الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى الضغط على الاحتلال الاسرائيلي من أجل وقف معاناة المبعدين، بخاصة وأن هناك مخالفة دولية في استمرار قضيتهم.

أما المبعد إلى غزة رائد عبيات فلم تبتعد قصته كثيراً عن قصة كنعان، حيث يعاني والده من مرض السرطان منذ أكثر من عام دون أن يتمكن من رؤيته، وقال لـ"العربي الجديد": "والدي ووالدتي ممنوعان من زيارتي في قطاع غزة منذ عام 2003، وأمنيتي الوحيدة أن أعانقهما قبل أن يحدث أي مكروه".

وأضاف عبيات: "عودتنا إلى مدينة بيت لحم حق لنا، يجب أن يسعى الجميع من أجل تحقيقه، أو على الأقل السماح لذوينا بزيارتنا. المرض يلازم معظم أمهات وآباء المبعدين إلى قطاع غزة، ومن حقهم الطبيعي أن يكحلوا عيونهم برؤيتهم".

ولم يحالف الحظ المبعد إلى غزة مجدي دعنا من معانقة والده قبل وفاته، بعد سنوات من الغياب والحرمان، وعن ذلك قال مجدي لـ"العربي الجديد": "عمر والدي 73 عاماً، لا أدري ما هي الخطورة التي كانت ستلحق بالاحتلال الاسرائيلي في حال السماح له ولأمي بزيارتي. هل هناك قانون في العالم يقضي أن يتوفى والدي قبل أن أراه، أو أن أقبله أو أودعه؟"، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن معاناة المبعدين مستمرة في ظل إهمال واضح من مختلف الأطراف التي لا تحرك ساكناً من أجل نصرة قضيتهم.

وأوضح أن المبعدين قاموا بإرسال رسائل لمختلف الجهات، وفي مقدمتها الشؤون المدنية التي زار وفدها قطاع غزة، وطلب من المبعدين تقديم أسمائهم رباعية وهوياتهم وصلة القرابة من الدرجة الأولى المطلوب زيارتها الى غزة، لكن دون جدوى.


اقرأ أيضاً: "الحصار".. مسرحية فلسطينية تُذكّر بالمُبعدين والمحاصرين

دلالات