مغاربة يتعايشون مع "وصمة" الإيدز

مغاربة يتعايشون مع "وصمة" الإيدز

30 نوفمبر 2015
ابتعد أصدقائي عني، وصار الجميع يخشى الاقتراب (Getty)
+ الخط -

"لم أتأثر بإصابتي بفيروس نقص المناعة المكتسب، الإيدز. أكثر ما كان يضايقني هو موقف المجتمع مني. ابتعد أصدقائي عني، وصار الجميع يخشى الاقتراب". هذا ما يقوله سمير من مدينة تطوان (شمال المغرب)، الذي أصيب بهذا المرض.

سمير هو واحد من بين نحو 32 ألف شخص في المغرب يتعايشون مع الفيروس اليوم، في وقت يصل عدد المصابين بالإيدز إلى أكثر من 9300 في البلاد. وقد وجد نفسه مضطراً إلى التعايش مع المرض، والاعتياد على نظرة المحيط التي لا ترحم.

يحكي سمير قصته لـ "العربي الجديد"، فيقول: "في أحد الأيام، تعرفت إلى فتاة جميلة في أحد مقاهي المدينة حيث أعيش، وجمعتنا علاقة عاطفية". يضيف: "لم أكن أعرف أنها مصابة بالإيدز"، لكن بعد فترة بلغه أنها مصابة بالفيروس. في ذلك الوقت، كانت قد اختفت تماماً. يضيف سمير أنه لم يكن قادراً على استيعاب الصدمة، وظنّ بداية أن الأمر مجرّد شائعة. مع الوقت، "شعرت بتغيّر في حالتي الصحية. ولدى إجرائي الفحوصات اللازمة، عرفت بأنني مصاب بالفيروس". ويتابع: "في بادئ الأمر، أخفيت إصابتي عن والدَي وإخوتي وأسرتي وزملائي في العمل، إذ غالباً ما يشك المجتمع في أخلاق المصاب بالإيدز ويطلقون الأحكام عليه". بعدها، اقتنع بضرورة إعلام عائلته، لكن رد فعلها أتى عنيفاً. من جهة أخرى، "تعاطف بعض المقرّبين معي وأكثروا من عبارات الشفقة، إلا أن الأمر لم يدم طويلاً. وصاروا يتجنبون الجلوس إلى جابني أو تقبيلي على سبيل المثال".

أما معاناة فطومة، فليست أخفّ وطأة مما يعيشه سمير. تخبر أنها كبرت في مدينة أكادير (جنوب المغرب). لا تذكر أنها عانت من أي مشاكل تذكر في طفولتها، لكن والدتها كانت تجبرها على تناول أدوية معينة، من دون أن تعرف السبب. وعندما كبرت، "هددت والدتي بأنني سأتوقف عن تناول تلك الأدوية إن لم أعرف السبب. حينها أخبرتني بأنني مصابة بفيروس الإيدز". وشرحت لها أمها أنها أصيبت به خلال فترة الحمل، "فصدمت بالخبر وحاولت الانتحار أكثر من مرة". تتابع فطومة أنها لم تعد ترى الحياة كما في السابق. وأكثر من ذلك، تغيّرت نظرتها إلى والدتها علماً أنها لم تكن مسؤولة عن الإصابة، فهي وقعت ضحية علاج لدى طبيب الأسنان. وتشير إلى أن "كل شيء تغير في حياتي مذ علمت بذلك، وانهارت أحلامي. كذلك قطعت علاقتي بخطيبي".

سمير وفطومة وافقا على التحدّث عن معاناتهما مع الإيدز، خصوصاً عن عدم تقبلهما من قبل المجتمع. هما أوضحا أن أحلامهما انهارت وتخليا عن أشياء كثيرة كانا قد خططا لها. لكنّ كثيرين هم المغاربة الذين يفضلون كتمان إصابتهم بالفيروس عن محيطهم، خوفاً من نقمة المجتمع عليهم.

بحسب ما تشير البيانات، نحو نصف المصابين بفيروس الإيدز من النساء، وهنّ متزوجات بأكثريتهن. وهو ما يعدّ أمراً لافتاً. ويناهز عدد النساء اللواتي يحملن الفيروس، 15 ألفاً من بين نحو 32 ألفاً، في حين أن 70 في المائة منهن أصبن من خلال الزوج. في هذا الإطار، يشرح المنسق العام للجمعية المغربية لمحاربة الإيدز مولاي أحمد الدريدي أن "كثرة إصابة النساء المتزوجات بالفيروس يرتبط بتعدد علاقات الزوج خارج إطار الزواج. هو يصاب بالفيروس وينقله من ثم إلى زوجته". يضيف أن "الزوجات بأكثرهن يعلمن بعلاقات أزواجهن تلك، لكنهن يخترن الصمت وعدم إثارة الموضوع خوفاً من الطلاق وتفكك الأسرة. وحتى حين يعلم بعضهن بإصابة أزواجهن، يخترن التكتم".

في عام 1988، أعلنت الجمعية أن نسبة النساء المصابات تقدّر بثماني في المائة، لتصل إلى سبعين في المائة في عام 2014، أي بزيادة 62 في المائة في خلال 26 عاماً. وتشير البيانات إلى أن المرض ينتشر في منطقة سوس ماسة درعة حيث مدينة أكادير المعروفة باستقبال ملايين السياح الأجانب، تليها مدينة مراكش السياحية أيضاً، ومن ثم مدينة الدار البيضاء.

بحسب ما توضح منظمة الصحة العالمية، يمكن لفيروس الإيدز أن ينتقل بين الأفراد عبر الاتصالات الجنسية غير المحمية، وعمليات نقل الدم الملوّث بالفيروس، أو عبر تبادل إبر أو حقن أو أدوات حادّة أخرى ملوّثة بالفيروس. وقد ينتقل أيضاً من الأمّ إلى طفلها في فترة الحمل أو عند الولادة أو خلال الرضاعة. وتشير تقديرات المنظمة وبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز إلى أن عدد المتعايشين مع الفيروس حول العالم كان 35 مليون نسمة في أواخر عام 2013. وقد شهد العام نفسه إصابة نحو 2.1 مليون شخص ووفاة 1.5 مليون نسمة من جرّاء الإصابة بعلل ناجمة عن الإيدز.

اقرأ أيضاً: مهن "مشبوهة" في المغرب

المساهمون