مفاجآت سنويّة في مدارس المغرب

مفاجآت سنويّة في مدارس المغرب

16 سبتمبر 2016
بعد انتهاء الدوام (عبد الحق سنا/فرانس برس)
+ الخط -

فاطمة نواق هي أمّ لطفلين في الصف الأول إعدادي. لطالما أصرّت على اختيار المدرسة الأفضل لهما، ولم تتردّد في إلحاقهما في مدرسة خاصة أو تُمانع دفع ألف يورو عن كل فصل. تقول لـ "العربي الجديد": "لست راضية عمّا تقدّمه المدرسة لأن السمعة الجيّدة لا تعني أنها الأفضل. بالتأكيد هي مكلفة ولا يوجد بديل أفضل. حتى المدارس الحكوميّة تعاني من مشاكل كثيرة".

مع بداية العام الدراسي، تُفاجأ العائلات المغربيّة ذات الدخل المحدود بزيادة رسوم التسجيل في المدارس الخاصة بما يفوق قدرتها على التحمّل، ما يضطرها أحياناً للاقتراض من أجل توفير تعليم جيد لأطفالها. وإن كانت نواق لم تقترض، إلا أن دفع رسوم التسجيل والتأمين يرهقها. كذلك، للمدارس الخاصة كتب محددة. تقول: "تفرض المدارس دفع رسوم الفصل قبل أشهر من بدء العام الدراسي"، لافتة إلى أنها "تبتز" الأهالي بشكل مبطّن، وقد فرضت شراء الكتب في شهر يوليو/ تموز الماضي.

تشير نواق إلى أن "المدارس الخاصة لا تعني التعليم الأفضل دائماً". توضح أن الأساتذة لا يخضعون لتدريبات حول أساليب التربية الحديثة، وهم مجبرون على إنهاء المنهاج خلال فترة معيّنة، لافتة إلى أنهم "يركزون على الكمية وليس النوعية".

وعادة ما تستغلّ إدارات المدارس الخاصة غياب الرقابة من قبل الدولة لرفع رسوم التسجيل. ومؤخّراً، أعلنت الحكومة المغربية عن محاربتها "لوبيات" التعليم الخاص.

في السياق، ندّدت الجامعة المغربية لحماية المستهلك بما وصفته بـ "النصب والاحتيال" اللذين يتعرض لهما أهالي التلاميذ من قبل بعض المؤسّسات التعليميّة الخاصة، في ما يتعلق مثلاً برسوم التأمين. يقول رئيسها بوعزة خرّاط لـ "العربي الجديد" إن الأهل يضطرّون إلى دفع مبلغ في مقابل حزمة تشمل التأمين وتسجيل الدخول وغيرها. وعادة ما تكون مقبولة في السنة الأولى وترتفع تدريجياً ويحصل الآباء على وصل عن عقد التأمين فقط، وتصل الرسوم إلى 250 يورو وتختلف من مدرسة إلى أخرى.




يشير أحد المتخصّصين في مجال التأمين، محمد العربي، لـ "العربي الجديد"، إلى أنه بالنسبة للمدارس الخاصة، هناك مسؤولية مهنية نحو المدرّس، ومسؤوليّة مدنية "تستغلّ" فيها إدارات المدارس التلاميذ وأهلهم لدفع رسوم تأمين تتعلّق بحوادث السير والعمل وغيرها. ويتوجب على المستثمر أو مالك المدرسة تأمينها. يضيف أنّ المدارس الحرّة ترفض أن يدفع الأهالي المبلغ الخاص بالتأمين في شركات التأمين.

وتطالب الجامعة المغربيّة لحماية المستهلك بـ "الشفافية وتسليم عقود التأمين للأهالي"، لافتة إلى أن "القطاع الخاص في البلاد لا يوّفر المعلومات للمستهلك". ويصف خرّاط خطوة الحكومة بـ "المتأخرة في وقت تستعدّ لإجراء انتخابات تشريعيّة في أكتوبر/ تشرين الأوّل المقبل، ولم تكن حكومة قرارات ذاتية بل تصريف أعمال، وقد شجعت الاستثمار الخاص في التعليم لضرب المدرسة الحكومية". يضيف أنه "لا يوجد قانون ينظم أسعار التعليم في قطاع التعليم الحرّ. لذلك، يسهل على إدارات المدارس العمل ضمن شريعة الغاب واستغلال الطبقة المتوسطة"، لافتاً إلى أنه ليس هناك قيمة مضافة للدولة والأهالي. تجدر الإشارة إلى أنه خلال السنوات الأخيرة، سجّلت المدرسة الحكومية ارتفاعاً في عدد التلاميذ المتخرجين منها بمعدلات جيدة.

في هذا السياق، يقول مدير التعليم الخصوصي في وزارة التربية الوطنية مرزاقي بنداود، لـ"العربي الجديد" إن "الوزارة قد أصدرت مقتضى قانونياً بعد أن عجز قانون التعليم الخاص الصادر في 2002 عن معالجة مسألة أسعار التسجيل التي تختلف من مدرسة لأخرى، ويلزم المقتضى المدارس الخاصة بإشهار أسعار خدماتها وتقدم بالمقابل وصلاً للأهالي بالمبالغ المسلّمة". ويشير إلى أن "الحكومة قد أحالت إلى المجلس الأعلى للتربية والتكوين خلال شهر أغسطس/ آب الماضي مشروع إطار قانون يتعلق بالتربية والتكوين يتطرق إلى تنظيم قطاع التعليم الخاص بما فيها الأسعار والمناهج والبرامج والمراقبة"، مضيفاً أن "المجلس الأعلى للتربية والتكوين هو بصدد مناقشته حالياً، ثم سيعيده للحكومة لاحقاً وسيتم عرضه على كل قطاع متخصص في الحكومة حتى ينكبّ على إعداد نصوص القانون واعتمادها، كذلك سيعاد النظر في القانون المنظم للتعليم الخاص والصادر عام 2002".

في الوقت نفسه، تعاني المدرسة الحكومية من مشاكل لا حصر لها، ما دفع ناشطين إلى إطلاق حملة على "فيسبوك" للمطالبة بتحسين جودة التعليم في المدارس الحكومية.

دلالات