اليمن غير السعيد

اليمن غير السعيد

17 يونيو 2015
اليوم يغيب القانون عن اليمن (فرانس برس)
+ الخط -

قبل أن تندلع الحرب في اليمن أخيراً، كان البلد العربي الوحيد الذي يسمح بتجنيد الأطفال في الجيش النظامي. وفي اليمن وقلة قليلة من الدول يجري اعتماد مثل هذا "التقليد الحضاري"، ما دفع الممثل الخاص للأمم المتحدة واليونيسيف إلى إطلاق نداء في مارس/آذار 2014 لوضع حد لمثل هذه الظاهرة، من خلال حملة بعنوان "أطفال لا جنود".

سرعان ما تلقفت منظمات المجتمع المدني اليمنية هذا النداء وضغطت، بالتعاون مع اليونيسف وسفارة ألمانيا، لتنفيذه، وصولا إلى توقيع اتفاق حكومي في مايو/أيار 2014 قضى بإنهاء ظاهرة تجنيد الأطفال، والتزام الحكومة والقوات المسلحة بضمان خلو الجيش من الأطفال.
هذا التطور الإيجابي جاء نتيجة حملة الضغط الدولية التي وضعت في حينها اليمن وسبع دول أخرى على قائمة الدول التي تجند وتستخدم الأطفال. ومن جهتها، خصصت حكومة الرئيس، عبد ربه منصور هادي، حقيبة وزارية لحقوق الإنسان وفي مقدمتهم بالطبع الأطفال. مثل هذه "المزامير" لا تجد من يستمع أو يقيم أدنى اعتبار لها ، في مثل هذه اللحظة الفارقة التي تعيشها البلاد اليوم.

إذاً، انهارت الاتفاقات السابقة بسبب توسع مساحة الصراعات لتشمل أنحاء اليمن كافة. وبديهي في مثل هذا الوضع أن يسعى تجار الحروب إلى المزيد من استقطاب الأطفال الى صفوف المقاتلين. فالأمل في إنهاء عصر "عسكرة الأطفال" من خلال وقف تجنيدهم في المؤسسة العسكرية النظامية، يواجه اليوم واقع عسكرة المجتمع بأسره.
بالتأكيد، يمثل الفقر عاملاً رئيسا في تجنيد الأطفال، وهو في اليمن بات يشمل أكثر سكان البلاد بعد أن كانت نسبته مرتفعة جداً. تقول المؤشرات الدولية إنّ نحو 16 مليوناً من أصل 25 مليون يمني باتوا بحاجة الى مساعدات غذائية عاجلة. وقبل اندلاع الحرب كان هناك 6 ملايين فقط. الأمية أيضا تتضاعف بين الأطفال ومثلهم الكبار.

لا أحد يستطيع تقدير عدد الأطفال المجندين ولا عدد الضحايا منهم، ولا مقدار الزيادة في أعقاب انفجار الموقف. هذا ولم نتحدث بعد عمن خسر صفه الدراسي أو لم يدخل إليه أصلاً، أو عن سوء التغذية وفقدان أشكال الرعاية الصحية والاجتماعية وكل ما تنص عليه الاتفاقات.
اليوم، يغيب القانون عن اليمن، وتنهار مؤسسات الدولة الهشة أصلاً، وكذلك الاتفاقات التي وقعت عليها الحكومات، ويدخل المجتمع في هاوية الاقتتال. والنتيجة المزيد من عسكرة الأطفال وارتفاع نسبة الأمية، وندرة الحصول على الغذاء والرعاية الصحية وكل مقومات العيش. اليمن السعيد أطفاله في أسوأ حال، وبما لا يقارن مع معاناتهم سابقاً.
(أستاذ في كلية التربية – الجامعة اللبنانية)

اقرأ أيضاً: أطفال سورية على ضفاف بردى

المساهمون