حي الوعر على خطى داريا.. حصار وتقتيل قبل التهجير

حي الوعر على خطى داريا.. حصار وتقتيل قبل التهجير

30 اغسطس 2016
أزمة في مستشفيات حي الوعر (ضياء الدين/الأناضول)
+ الخط -


بعدما هجّر النظام السوري أهل داريا إلى إدلب بعدما حاصرها لأكثر من 4 سنوات، انتقل إلى حي الوعر في حمص، لتنفيذ الخطة نفسها، حصار ثم إجبار الأهالي على عقد هدنة تمهيداً لتهجيرهم. وأقدم النظام على تكثيف القصف على حي الوعر الحمصي المحاصر، بعدما أنهكه حصاراً ليبدأ العمل على عقد هدنة يكون التهجير أحد شروطها الأساسية، معتمدا على التصعيد في عمليات القصف، لإجبار المدنيين في نهاية المطاف على الخروج من بيوتهم.

وشهد حي الوعر مساء أمس الاثنين، اتفاقا بين النظام وأهالي الحي، على وقف إطلاق النار لمدة 48 ساعة، بعدما شهد تصعيداً كبيراً خلال الأيام الثلاثة السابقة، الأمر الذي أودى بحياة مدنيين وأوقع إصابات، وسط عجز المشافي الميدانية عن تقديم الخدمات المطلوبة منها نتيجة انعدام المعدات والمستلزمات الطبية، لتتكشف حقيقة الوضع الإنساني والطبي الذي كان أكثر سوءا مما أظهرته التقارير الدولية التي نشرت عن الحي المحاصر منذ أكثر من عامين.

وقال مراسل شبكة شام، رضوان الهندي، لـ"العربي الجديد": "اجتمعت لجنة أهالي حي الوعر ولجنة النظام السوري مساء أمس، وتوصلوا إلى اتفاق بوقف اطلاق النار 48 ساعة، دون تفاصيل أخرى عن نتائج الاجتماع".

واستخدم النظام السوري، في الأيام الثلاثة الماضية الرشاشات الثقيلة وقذائف الهاون، إضافة للقصف بقذائف تحوي النابالم الحارق يومي الجمعة والسبت، إضافة إلى القصف بالطيران الذي غاب عن الحي منذ نهاية عام 2014، حيث وصل عدد الغارات خلال اليومين الأخيرين إلى 23 غارة، أودت بحياة 12 مدنيا وأوفعت أكثر من 44 جريحا، غالبيتهم من الأطفال والنساء، بينهم 8 حالات حروق خطيرة بسبب النابالم، وحالتا بتر أطراف.

وسردت الناشطة الميدانية من أبناء حي الوعر، جودي عرش، مسلسل القصف اليومي الذي يتعرض له الحي لـ"العربي الجديد"، وقالت إن "النظام يبدأ بقصف الحي بالطيران ثم يلحقه بمدفعية هاون ونابالم، ويعود للقصف بالطيران من جديد، مما يخلف إصابات كثيرة بمختلف المناطق".

وتناقصت الكوادر الطبية، نتيجة استمرار الحصار لأكثر من عامين ونصف العام، وانتهت صلاحية معظم الأدوية الموجودة، ما جعل معظم المستشفيات الطبية تخرج عن الخدمة، إضافة لقيام النظام السوري بقصف عدة مراكز طبية في فترة الحصار.

من جهته، أشار المتحدث الرسمي باسم مركز حمص الإعلامي، محمد السباعي، لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "يوجد مركزين طبيين في الحي قيد الإستخدام بعد خروج باقي المراكز من الخدمة بسبب فقدان الأدوية والمحروقات والنقص في الأطباء ذو الاختصاصات".

وأكد السباعي، أن "الوضع الطبي داخل الحي يسوء كل يوم عن الذي قبله، فالنظام يمنع دخول المواد الطبية للحي منذ ثلاث سنوات، واستخدم خلال اليومين الماضيين النابالم الحارق، ما جعل المراكز المتبقية تعاني من حالات صعبة، بسبب عدم وجود التجهيزات والمستلزمات الطبية، ما اضطرنا لعجن التراب بالماء حتى أصبح طيناً وقمنا بدهن جروح الأطفال به".

وبينت جودي عرش، أن "المواد الإسعافية نادرة، ونستخدم في حي الوعر أقمشة عادية كبديل عن الشاش، ونستخدم مواد طبية وأدوية منتهية الصلاحية، بينما تجرى العمليات الجراحية بمواد بدائية، أما الأدوية المسكنة فهي نادرة جداً، وإن وجدت فهي منتهية الصلاحية لكن الناس يضطرون لاستخدامها نظراً لعدم وجود غيرها".

وأكدت جودي عرش أن "النظام قرر اللجوء لانتهاج ذات طريقة تهجير أهالي حمص القديمة قبل عامين، وتهجير أهالي داريا نهاية الأسبوع الماضي ثم تهجير أهالي حي الوعر".


وكان المكتب الرئيسي لمجلس محافظة حمص الحرة، أرسل يوم الجمعة الماضي إلى المبعوث الخاص للأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، رسالة بعنوان "يمكنكم أن لا تكرروا تجربة داريا وحمص القديمة مع حي الوعر"، وطالب المجلس في رسالته بـ"إعلان هدنة عاجلة في حي الوعر ومحيطه"، واتهم النظام السوري بالسعي إلى إخراج أهالي الحي على غرار ما فعل في داريا عن طرق تضييق الحصار وتكثيف القصف.

ويعاني حوالي 100 ألف مدني من حالة إنسانية سيئة، زادت سوءا منذ إطباق النظام الحصار على الحي في 10 مارس/آذار 2016، واعتمدت العائلات خلال هذه الفترة على وجبة طعام واحدة، إضافة لمعاناتهم من انعدام حليب الأطفال، ما أجبرهم على طحن الأرز وإطعامه للصغار عوضاً عنه.