أزمة رياض أطفال في مصر

أزمة رياض أطفال في مصر

08 يوليو 2016
بعد عناء، وجد لها والداها مكاناً (Getty)
+ الخط -

تعيش أسر مصرية كثيرة معاناة كبيرة في مثل هذا الوقت من كلّ عام، مع استعدادها لتقديم أوراق أطفالها الأصغر إلى المدارس التجريبية (شبه مجانية) للالتحاق بفصول رياض الأطفال ما قبل الابتدائية. تواجه الأسر مشاكل كثيرة بسبب ارتفاع سنّ القبول في تلك المدارس، ما يضطرها إلى اللجوء إلى المدارس الخاصة المكلفة مادياً أو التوجّه إلى المناطق النائية أو العشوائية.

يشتكي أولياء أمور كثر من استغلال أصحاب المدارس الخاصة للأزمة التي تتكرر في كلّ عام، بزيادة قيمة الرسوم الدراسية ونفقات العام الجديد. يقول محمد صلاح وهو موظف في إحدى الشركات الخاصة، إنّه قصد إحدى المدارس التجريبية في غرب الإسكندرية لتقديم أوراق طفله البالغ خمس سنوات وشهرَين لمرحلة رياض الأطفال، إلا أنّه فوجئ بإدارة المدرسة ترفض قبول طلبه بحجّة أنّ الحدّ الأدنى لقبول الأطفال يتجاوز سنّ ابنه، وهو ما يعني حرمانه للعام الثاني على التوالي من الالتحاق بالمدرسة. يضيف: "اضطررت إلى تقديم أوراق ابني إلى إحدى المدارس الخاصة وتحمّل مصاريف إضافية حفاظاً على مستقبله". ويشير صلاح إلى أنّ ارتفاع سنّ القبول يأتي لصالح المدارس الخاصة فقط، التي لا تتقيد بالشروط "التعجيزية" التي وضعتها الإدارات التعليمية.

أما حسام سعد فيقول: "نعيش في قلق حتى بداية العام الدراسي، في انتظار إعلان نتيجة التنسيق في مرحلة رياض الأطفال. وهو ما تسبّب في ارتفاع سنّ القبول نتيجة عدم كفاية الفصول خصوصاً مع رفع سنّ التلميذ في المرحلة التالية ‏(الابتدائية‏)‏ إلى أكثر من سبع سنوات". ويلفت سعد إلى أنّه تقدّم العام الماضي بطلب إلحاق ابنه بإحدى المدارس التجريبية حيث يتعلّم شقيقه، وكان عمره أربع سنوات وخمسة‏ شهور. لكنّه لم يُقبل، على الرغم من أنّ السنّ القانونية للقبول في المدارس الحكومية (المجانية) هو أربع‏ سنوات وفي الخاصة ‏ثلاث سنوات ونصف السنة. وهو ما تسبّب في ضياع سنة دراسيّة كاملة من عمر الطفل، ‏بسبب تاريخ ميلاده، "ولم أستطع فعل أيّ شيء له خصوصاً أنّ التقديم انتهى في كلّ رياض الأطفال".



من جهته، استطاع ياسر عبد الوهاب بصعوبة إيجاد مكان لابنه في إحدى المدارس التجريبية، وهي مدارس تضمّ لغات أجنبية في مناهجها وهي كذلك أفضل مستوى من المدارس الرسمية. يقول: "معظم أولياء الأمور يعيشون في قلق لإيجاد مكان لأبنائهم بعد ارتفاع سنّ القبول في المدارس التجريبية إلى خمس سنوات وثمانية أشهر، وهو ما يضطر البعض في أحيان كثيرة إلى التوجّه إلى المناطق النائية أو العشوائية في المحافظة أو المحافظات المجاورة للتغلّب على شرط السنّ والاستجابة إلى طلبات بعض المدارس ودفع تبرّعات تختلف طبيعتها وقيمتها من مدرسة إلى أخرى حتى تُقبَل أوراق أبنائهم". ويشير عبد الوهاب إلى أنّ الحل الوحيد للقضاء على هذه الأزمة التي تتجدد في كلّ عام، هو "فتح فصول جديدة لرياض الأطفال. فالضغط على هذه المدارس يرفع سنّ القبول، فلا يتمكّن سوى جزء قليل من المتقدّمين إليها من إلحاق أطفالهم بها‏".

في هذا السياق، يرى رئيس نقابة المعلمين المستقلة محب عبود أنّ "حلّ المشكلة ليس فقط في إيجاد مدارس أو فصول جديدة أو تخفيض سنّ القبول، بل أيضاً في توفير الأعداد الكافية من المؤهّلين للتدريس في رياض الأطفال. وهو الأمر الذي يتطلب خطة حكومية تعتمد على التركيز على هذه المرحلة المهمة التي تُبنى فيها شخصية التلميذ، واستيعاب هذه الأعداد التي تتزايد في كلّ عام والقضاء على قوائم الانتظار السنوية". ويلفت إلى أنّ "القائمين على التعليم يتعاملون مع أولياء الأمور من منطلق تجاري هدفه الربح فقط، من دون النظر إلى ظروفهم المادية بعد عجز الوزارة عن اتخاذ موقف ضدّ تلك التصرفات". وهي تصرفات يراها "مخالفة للقانون وتزيد من الأعباء المالية على المواطنين".

إلى ذلك، يوضح وكيل وزارة التربية والتعليم في الإسكندرية، جمعة ذكري، أنّ "ثمّة قرارات منظّمة لقبول الأطفال في الرياض. فإدارة المدرسة مقيّدة بأعداد محددة بسبب عدم القدرة على الاستيعاب". ويشير إلى أنّ "ارتفاع سن القبول يعود إلى الزيادة الكبيرة في أعداد المتقدّمين، في الوقت الذي يعاني فيه القطاع من نقص شديد في أعداد المدارس وارتفاع في عدد الأطفال داخل كلّ فصل". يضيف أنّ "المحدد للقبول هو السنّ والمربّع السكني، على أن تكون الأولوية داخل كل إدارة لأبناء الإدارات أولاً، ثم استكمال الأماكن الشاغرة من أبناء الإدارات المجاورة".

من جهة أخرى، يلفت ذكري إلى "عدم السماح لأيّ مدرسة بقبول تبرّعات أو زيادة الرسوم من دون إذن الوزارة والقرارات الوزارية المنظمة لهذه العملية. وأيّ إدارة أو مدرسة تخالف، تضع نفسها تحت طائلة القانون". ويشدّد على أنّ "التبرّعات لا يجب أن تكون إجبارية، فهذا مخالف للقانون. ولا يجب دفع أيّ رسوم إلا وفقاً للجدول المقرر والمنشور على موقع المديرية والوزارة، ومن الضرورة الإبلاغ عن هذه المدارس في حال حدث ذلك لمنعها وتوقيع الجزاء والعقاب القانوني بحقها".

دلالات