في بيتنا فأرة

في بيتنا فأرة

03 ديسمبر 2016
لا يمكن أن تكون أليفة (غاريث كاترمول/ Getty)
+ الخط -
الفأرة في الحلم تدلّ على الرزق. وإن كان الفئران كثراً، فهذا يدلّ على خير كثير. من قتل الفأرة في منامه فقد تسبّب في حجب الرزق عن نفسه. ومن رآها تخرج من بيته دلّ ذلك على نقصان الرزق.

الفأرة في البيت. هذا ليس حلماً. ولن يجلب وجودها أي رزق. فقط محاولات لجعلها تسقط في الفخّ، أو الكرتونة التي تحتوي على جبنة يفترض أنها تحبّها. لن تنجو. تركنا لها الليل لتشعر بحريّتها بعيداً عن عيون بشرٍ تخشاهم. كان كلّ صوت يصدر من أي مكان دليلاً على وجودها.

أعترف بأنني أعاني من "الموسوفوبيا"، أي رهاب الفئران. لم أكن يوماً على تماسٍ معها، ولم يحدث أن دخلت المنزل من قبل. صورها ربّما، وملمس لم ألمسه، قد يكونان السبب. أم مجرّد تخيّل مخلوق صغير يقفز على وجهي. يفترض أنّه لطيف ولا يسعى إلى الأذيّة. لكنّها فأرة... فأرة في المنزل.

لم تأكل الجبنة بعد. تراها لا تحب هذا النوع. "الموسوفوبيا" تبرّر لي ألّا أنام، أنا وهي، في بيت واحد. لكنّها مجرّد فأرة صغيرة. وهي بالكاد قادرة على القفز والركض السريع والاختباء في الزوايا. لكن إذا كانت هذه المخلوقات تهاب البشر، لماذا توجد في بيت لا يقطنه إلّا بشر؟

كان يوماً مشؤوماً حين قفزت في الغرفة. هي التي تخاف الإنسان، لا تدرك أن كثيرين يخشونها. تقفز ويقفزون. يطاردونها ويهربون منها في آنٍ. لا يمكن أن تكون أليفة في نظرهم. هي مخلوق ذي ملمس مقزّز، ولا خلاصة أخرى.

مجرّد فأرة قادرة على شغل إنسان إلى هذا الحد، إلى درجة يجد نفسه عاجزاً عن فعل أيّ شيء، غير انتظار وقوعها في الفخ.

ربّما تلتصق بالكرتونة أيّاماً أو أقلّ، إلى أن تموت جوعاً. لا أريد لها هذه النهاية. لو أنها تنسحب بهدوء من هذه المطاردة، من لعبة حوّلتني فيها إلى قطّة، حيث أتابع أيامي من دون أن تكون جزءاً منها. "الموسوفوبيا" تبرّر كل هذه الترّهات. الفقر أم التعايش مع فأرة؟ المرض أم التعايش مع فأرة؟ ربّما لن تنقذني "الموسوفوبيا" هنا، خصوصاً إذ أجد نفسي أختار الاحتمال الأول دائماً.

لن يأكل أحد غيرك الجبنة حتى لا يقع في الفخ. ولا يفترض بك أن تكوني ذكية إلى هذه الدرجة حتى تتجنبيها. أنت صغيرة لم ترق بعد إلى دهاء الفئران العتيقة. اليوم، أعيش في انتظار لحظة التصاقك بالكرتونة الملونة التي اخترتها لك. الانتظار صعب. كلانا ننتظر والقرار في يدك، فأنا لا أعرف مكانك.

ولأنّك في البيت، صرت تزوريني في الحلم. لربّما أحصل على قليل من الرزق على الأقل.

دلالات