"ليلة العودة إلى الدامون"

"ليلة العودة إلى الدامون"

23 ابريل 2015
يسجدون على أرض قريتهم المهجّرة (العربي الجديد)
+ الخط -

على أرض قرية الدامون المهجرة، التقى المئات من أبنائها، في "ليلة العودة إلى الدامون". ليلة اختلفت عن باقي ليالي القرية منذ عقود، فكانت جميعها مظلمة حالكة، أما هذه فكانت مُنارة بالمولدات الكهربائية التي تعمل بالوقود، في سهرة وجدت طريقها إلى قلوب الكبار والصغار، فسالت الدمعات من عيون الكثيرين من الحاضرين. 

الليلة التي نظمتها "لجنة المبادرة لأهالي الدامون" بالتنسيق مع "اللجنة الوطنية لإحياء ذكرى النكبة"، والتي تسبق احتفال الاحتلال بما يسميه "يوم الاستقلال"، حملت إلى مسامع المشاركين قصصا من ذاكرة من ولدوا هناك، ترافقت مع عرض صورة من الجو للقرية، تظهر معالمها واضحة فيها، سواء بيوتها ومسجدها وكنيستها أو طرقاتها، وصدحت أصوات بالغناء الملتزم، وحناجر صغار جادت بالأشعار.

"هذه هي الدامون"، قال محمد مرشد (أبو كمال)، الذي ولد في البلدة قبل النكبة، مشيرا إلى صورة القرية المعروضة أمام الناس، وعدد أسماء الأحياء والعائلات التي سكنت فيها.

تمكن المنظمون من التواصل مع مخيم "نهر البارد" في لبنان. هناك كان عدد من أهالي القرية المهجرين من عدة عائلات قد اجتمعوا، ينتظرون الاتصال، الذي كان رديئا، ومع هذا فهمت من المتحدثين كلمات الاشتياق للعودة إلى أرض الوطن، وبعثوا بتحياتهم، لتعلو من أرض الدامون زغاريد النساء.
  
الحاج علي أبو الحاج، اتكأ على عكازه. كان في الخامسة عشرة من عمره، حين انتكبت القرية بفعل الاحتلال الاسرائيلي.

اختار الحاج وضع القصص المحزنة جانبا، وتحدث عن أعراس الدامون، التي كان يشارك فيها معظم سكان القرية، ويقّدم فيها الكثير مما لذ وطاب، وقال "أحن إلى عادات وتقاليد الدامون المهجرة وأتمنى العودة إليها".
    
على عين الماء عند بقايا البئر شبه المهدّمة، وقف مجدي عياشي، الذي باح بمشاعره لـ"العربي الجديد"، قائلا: "عندما دخلت الدامون هذه الليلة، شاهدتها مضاءة وعامرة بهذا الجمع الكبير، شعرت برعشة في داخلي. تخيلت أن أهالينا سكنوا هنا، وأن حياة كانت هنا وعين ماء جارية وبيوتاً وحارات وخيرات كثيرة وأطفالاً يلعبون، وبين يوم وضحاها انتهى كل شيء. إنه أمر مؤلم ولكننا متمسكون بالعودة وإنّ غداً لناظره لقريب".

أما أحمد ريان، الذي ولد عام 1949 بعد النكبة بعام واحد، فقال لـ"العربي الجديد" بحرقة: "هذه ليلة تاريخية، تسجّل بأحرف من نار ومن نور، نؤكد فيها أنه لا مساومة على حق العودة ولا تنازل عن العودة الفعلية. أمل العودة كامن فينا، إذا لم نعد نحن فسيعود أولادنا أو أحفادنا. لا يأس هنا فالموت مع الأمل خير من الحياة مع اليأس. سنواصل العمل والنضال لاستعادة حقوقنا المغتصبة. سنرجع يوما إلى حيّنا مهما مر الزمان، وأشد ساعات الليل حلكة وسوادا هي التي تسبق بزوغ الفجر".



دلالات