"تيريموتو" يخيف الأطفال

"تيريموتو" يخيف الأطفال

26 اغسطس 2016
لا منزل في أماتريشي تعود بطفلها إليه (كارل كورت/Getty)
+ الخط -
استمر الخوف مسيطراً على الشارع الإيطالي، أمس الخميس، في اليوم التالي على كارثة الزلزال. لا يعيش المواطنون صدمة الكارثة وآثارها فقط، بل يتخوّفون من شهية للزلازل فُتحت ولن تتوقف قريباً.

منظمة "أنقذوا الأطفال" سارعت، منذ يوم الأربعاء، إلى "تخصيص كلّ جهودها" للمساعدة في إنقاذ العالقين من الأطفال تحت أنقاض المنازل المدمرة. وقال مديرها العام، يوناس كيدينغ ليندهولم، إنّ منظمته "تعمل بكل طاقتها جنباً إلى جنب مع منظمات إيطالية لإنقاذ أكبر عدد من الأطفال العالقين". يأتي هذا الحديث في ظلّ الخشية الكبيرة من أن يكون الضحايا الأطفال هم الأكثر عدداً بسبب وقوع الزلزال فجراً، بينما كان الناس نياماً. بل باتت كلمة "تيريموتو"، ومعناها زلزال، هي الأكثر تداولاً في التعبير عن خوف الأطفال في وسط إيطاليا.

كانت أكثر المناطق التي تضررت تضم سائحين من داخل إيطاليا وخارجها. واتضح أمس، الخميس، أنّ حجم الكارثة أكبر مما تصورته التقارير الأولية، إذ إنّ القلق الكبير لدى المختصين هو من "وجود الكثير من العالقين تحت الأنقاض بعد مرور أكثر من يوم كامل على الزلزال"، وذلك بحسب مسؤولين في أومبيريا.

بدوره، قال ليندهولم: "انهيار المساكن والمباني التي علق فيها السكان مسؤول عن عدد الوفيات، بالإضافة إلى مسؤولية الزلزال في حدّ ذاته. عادة ما نعيش لحظات حرجة في الأيام الثلاثة الأولى على الكارثة، وتلك الساعات حاسمة لإنقاذ أكبر عدد من الأطفال، ففيها تبقى إمكانية البقاء على قيد الحياة كبيرة". ما تخشاه منظمة "أنقذوا الأطفال" هو "عدم فهم الكثيرين لما يتسبب به الزلزال من أعراض ما بعد الصدمة لدى الأطفال، خصوصاً حين يفقد هؤلاء أهلهم تحت الركام. وهو أمر لاحظناه في زلزال لاكويلا عام 2009 حيث توفي أكثر من 300 معظمهم من الأطفال، وأصيب أكثر من ألف شخص".

هواجس المنظمة وصلت إلى السلطات الإيطالية المعنية. فقد سافر رئيس الوزراء، ماتيو رينزي، على الفور إلى بلدة أماتريشي معلناً من هناك حرفياً: "لن نخذل أيّة عائلة أو مدينة أو بلدة". وبالرغم من ذلك، اعترف رينزي بالصعوبات التي تواجه حكومته في عمليات الإنقاذ والتعرف على الضحايا. وبحسب تقارير إعلامية لمواقع إيطالية عدة، أهمها "كورييري ديل أوميريا" الذي خصّص كلّ زاوية فيه لمتابعة تفاصيل ما يجري في أومبيريا وأماتريشي، عبّر رينزي عن صدمته مما رآه أثناء تحليقه فوق المناطق المتضررة.

وبالرغم من المحاولات الرسمية لتسريع الاستجابة للكارثة، والتعلم من تجربة زلزال 2009، إلاّ أنّ انتقادات وجهت إلى سلطات الإنقاذ في البلاد. وكانت دعوات قد تعالت من أجل الزج بالجيش من قواعده في أسكولي وريتي ولاكويلا في عمليات الإنقاذ. وقال بعض السكان في إليشا، إلى الشمال من أماتريشي، إنّهم غير راضين عن "غياب الجيش الذي توجد قواعده بالقرب من المناطق المنكوبة. فلم نرَ جندياً واحداً. شيء رهيب أن ندفع المال للقواعد لكن لا نرى الجنود"، بحسب الناطقة باسم السكان في المنطقة، أليسندرا كابيلانتي، في معرض انتقاد تأخر الجيش في التدخل لمساعدة السكان. فالأخيرون استخدموا أدوات بدائية للحفر ومحاولة الوصول إلى العالقين تحت الأنقاض.

وكان رئيس الوزراء رينزي قد أنصت جيداً لغضب بعض المنكوبين، ونقلت عنه صحيفة "لا ريبوبليكا" إعلانه عن "عقد اجتماع حكومي فوري لبحث الخطوات الواجب اتخاذها، خصوصاً لجهة إعادة الإعمار، وربما إعلان حالة طوارئ في المناطق المنكوبة".

وبحسب معلومات خاصة بـ"العربي الجديد" في أومبيريا من الدكتور المغترب، أحمد قاسم، فإنّ "حالة من الصدمة والخوف والهلع ما زالت تسيطر، خصوصاً مع تناقل أنباء عن إمكانية حدوث هزات أكثر تدميراً". يقول قاسم إنّ "مشهد الدمار أتى على المركز التاريخي لبلدة أماتريشي بالكامل".

ومن الواضح أنّ "حالة من التضامن الكبير بدأت تظهر في إقليم أومبيريا مع منكوبي الزلزال"، بحسب مصادر عربية في الإقليم. تقول المصادر لـ"العربي الجديد" إنّ "تحركات كبيرة بدأت من جهازي الشرطة والجيش، في ما يشبه حالة استنفار كاملة من خلال تجيير كل الإمكانيات.

وبحسب قاسم، فإنّ "المجتمع المدني الإيطالي، ومعه الجالية المسلمة والعربية، قاموا بمبادرة لافتة وقوية في التضامن العملي مع ضحايا الزلزال، ومساعدة المنكوبين وتنظيم حملات تبرع بالدم للجرحى. وتركز المبادرات الأهلية والمدنية في مدن أخرى على تقديم المساعدات إلى كبار السن والأطفال خصوصاً.

وتؤكد منظمة "أنقذوا الأطفال" على "الاستجابة السريعة مع وجوب التركيز على الأطفال وحاجاتهم الأساسية النفسية والصحية، بعد الزلزال فوراً. فتكون المهمة الأولى هي الأطفال، ولمّ شملهم مع أهاليهم وتقديم كلّ الدعم الصحي والنفسي إليهم".

تجدر الإشارة إلى أنّ عدد ضحايا الزلزال وصل حتى مساء أمس إلى 247 قتيلاً، و264 جريحاً تلقوا العلاج في المستشفيات، فضلاً عن عدد غير محدد من المفقودين توقعت مصادر أن يكون بالمئات.

دلالات