الصحة الكويتية "عنصرية"

الصحة الكويتية "عنصرية"

27 يوليو 2016
تُخصّص مستشفيات للمواطنين وأخرى للمقيمين (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -
مذ أعلن وزير الصحة الكويتي، علي العبيدي، عن تخصيص "مستشفى جابر" - قيد الإنشاء - للمرضى الكويتيين دون سواهم، أثير جدال في الأوساط الكويتية التي انقسمت ما بين مؤيّد ومعارض لهذا القرار "غير الإنساني" بحسب وصف منتقديه. أمّا مؤيّدو القرار فيقولون إنّه سوف يساهم في تحسين مستوى الخدمات الصحية للمواطنين، نظراً للازدحام الشديد الذي تعاني منه غرف الطوارئ وأقسام الجراحة في مستشفيات الكويت على خلفيّة تزايد أعداد المواطنين والوافدين إلى درجة تفوق طاقة المستشفيات.

تتكفّل الدولة بعلاج المواطنين مجاناً وبإرسالهم إلى الخارج لمتابعة العلاج في حال الضرورة، فيما يتوجّب على الوافدين دفع رسوم تأمين صحي سنوية قيمتها خمسة دنانير كويتية (16 دولاراً أميركياً) وهي الرسوم الأقل عالمياً على الإطلاق، بحسب ما يشير مراقبون. يُذكر أنّ مؤيّدي القرار موضوع الجدال، يتّهمون الوافدين بالقيام بما يُعرف بالسياحة العلاجية. ويقولون إنّ ثمّة مقيمين يستخرجون بطاقات زيارة محدّدة المدة لأقرباء مرضى، حتى يأتوا لتلقّي العلاج في الكويت. وهو ما يزيد العبء الصحي على الحكومة.

جوبه القرار برفض شديد من قبل أطباء وجمعيات تُعنى بحقوق الإنسان وبعض نواب البرلمان الذين وصفوه بالقرار العنصري والمتحيّز وغير الأخلاقي. تقول الناشطة الحقوقية دلال العلي لـ "العربي الجديد" إنّ "القرار يحمل نفساً عنصرياً ورجعية لا مبرّر لهما، في حين تتقدّم دول العالم نحو منح العلاج المجاني لجميع المقيمين على أراضيها من دون تفرقة بين جنسياتهم". تضيف أنّ "هذا القرار سوف يؤثّر بلا شكّ على جميع الخدمات في الكويت، إذ لا يعقل أن تمنع العمال والموظفين من الرعاية الصحية الكاملة وتتوقع منهم في الوقت نفسه تأدية عملهم بإتقان وإخلاص. سوف يكرّس هذا القرار الطبقية والفئوية بين أفراد المجتمع ويوسّع الفجوة بين المواطنين والوافدين، الأمر الذي ينعكس على السلم الأهلي".

في هذا الإطار، أصدر التيار التقدمي بياناً حمل صبغة سياسية واقتصادية جاء فيه أنّ "أزمة القطاع الصحي في الكويت تعتبر جزءاً من الأزمة العامة في البلد، وليست وزارة الصحة بمعزل عن التردي العام في مستوى الخدمات في مختلف مفاصل الدولة كالتعليم والإسكان والبنى التحتية وغيرها، وهذا يرجع بالدرجة الأولى إلى الفساد المستشري الناتج عن تدني وربما انعدام محاسبة كبار المسؤولين في الدولة بسبب تقلص الهامش الديمقراطي في البلد". أضاف التيار في بيانه: "بدلاً من مواجهة استحقاق تطوير الخدمات الصحية كمّاً ونوعاً، جاء قرار وزير الصحة د. علي العبيدي بتخصيص مستشفى جابر لعلاج الكويتيين فقط ضمن سلسلة القرارات العنصرية التي تخرج من وزارة الصحة بين فينة وأخرى، موضحاً بأنّ هذا القرار سبقه قرار بفصل العيادات الخارجية على أساس جنسية المريض بحيث تُخصص الفترات الصباحية للكويتيين والفترات المسائية لغير الكويتيين وتمّ تطبيقه في بعض المستشفيات مع الأسف الشديد، وتمّ قبل عام تقريباً تخصيص مستوصفات للرعاية الأولية للكويتيين وأخرى لغير الكويتيين، ناهيك عن منع قائمة بأدوية مهمة وضرورية عن غير الكويتيين مع توفير بدائل أقل فعالية".

من جهته، يقول الدكتور قاسم أحمد وهو طبيب في وزارة الصحة في الكويت، إنّ "هذا القرار يخالف قسم الأطباء الذي ينصّ على معالجة المرضى من دون أيّ اعتبار لجنسيتهم أو دينهم أو طائفتهم". يضيف لـ "العربي الجديد" أنّ "على الأطباء وأفراد الطواقم الصحية أن يقفوا صفاً واحداً في وجه هذا القرار الذي يشوّه صورة الطب والأطباء ويحوّلهم إلى آلات تُسيّر بأمر الآخرين ليس إلا".

لكنّ مصادر مقرّبة من مكتب وزير الصحة، تفيد بأنّ "الحكومة ماضية فعلياً في تطبيق هذا القرار رفعاً لمستوى الكفاءة الصحية الذي بدأ يتهاوى خلال السنوات الأخيرة بسبب عدم التنظيم". إلى ذلك، يقول الدكتور حمود المطيري وهو أحد الأطباء المؤيدين للقرار، إنّه "تنظيمي. فهو لن يمنع الوافدين من الحقّ في العلاج، بل يخصص مستشفيات للمواطنين وأخرى للمقيمين. وسوف تكون هذه المستشفيات بالكفاءة نفسها لأنّ الوزارة التي تدير هذه المستشفيات هي وزارة واحدة". يضيف لـ "العربي الجديد": "أمّا هؤلاء الأطباء الذين يقولون إنّه يخالف القسم الطبي، فهم أنفسهم يرفضون علاج المرضى إذا كانوا من غير المنطقة السكنية حيث مركز المستشفى، لدواعٍ تنظيمية. فكيف إذاً يختلف هذا القرار عن ذاك؟". ويتابع المطيري: "نحن في حاجة إلى عملية عقلنة في تنظيم القضايا الصحية، وليس إلى استدرار عواطف أو حلول غير منطقية وتقديم صور قاتمة ومظلمة وغير صحيحة عن الوضع الصحي في الكويت الذي يعدّ من أفضل الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط بأكملها".

دلالات

المساهمون