أين أساتذة جامعات سورية؟

أين أساتذة جامعات سورية؟

23 مايو 2017
كلّ هذا يؤثر على مستقبل الطلاب (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

تسببت الحرب الدائرة في سورية والمضايقات الأمنية التي يمارسها النظام على الموظفين في جميع دوائر الدولة بنقص كبير في أعداد الأساتذة في الجامعات السورية، ما انعكس سلباً على سير العملية التعليمية في هذه الجامعات، وبالتالي على الطلاب ومستقبلهم الأكاديمي والمهني.

في هذا الإطار، صرح وزير التعليم العالي في الحكومة السورية (النظام) عاطف النداف إلى إحدى وسائل الإعلام المحلية أنّ نسبة تسرب أعضاء الهيئة التدريسية على مستوى الجامعات تقدر بـ20 في المائة، وأنّ معظمهم غادر تحت تأثير ظروف وتداعيات الأزمة التي تشهدها البلاد.

بدوره، ذكر رئيس جامعة دمشق محمد حسان الكردي لوسيلة الإعلام نفسها أنّ عدد أساتذة الجامعة الذين غادروا البلاد خلال الأزمة السورية التي بدأت عام 2011 بلغ 379 من أصل 2037 أي بنسبة تسرب بلغت 19 في المائة، في جامعة دمشق وحدها.

أحمد الخطيب وهو أستاذ سابق في كلية الهندسة المدنية في "جامعة البعث" ويعيش في ألمانيا اليوم، يشير إلى أنّ النقص في الكوادر التعليمية في الجامعات السورية في الفترة الحالية يرجع أيضاً إلى عدم عودة موفدي الدولة لدراسة الدكتوراه من الدول التي سافروا إليها، وعدم التحاقهم بكوادر التعليم في الجامعات التي تخرجوا منها كما هو معتمد. يضيف: "منذ بداية الأزمة، وبدلاً من مبادرة الحكومة السورية إلى تسهيل سبل البقاء لنا، فعلت العكس، وضيقت علينا، فقد اعتقلت عشرات من الأساتذة ممن كتبت فيهم تقارير بسبب مواقفهم من الثورة السورية، وتعرض آخرون للتهديد". يتابع: "بالنسبة لي فإنّ حالة التهديد الكبيرة التي كنت أعيشها في تلك الفترة كانت الدافع الأساسي لخروجي من البلاد. أما بالنسبة إلى كثير من زملائي فقد كانت الظروف المعيشية الصعبة هي السبب، خصوصاً بعدما جرى إلغاء جميع التعويضات المالية التي كان يتقاضاها الأساتذة الجامعيون في ذلك الحين".




في ظل غياب الإحصائيات المحايدة، يعتقد الدكتور علي الحموي، وهو أستاذ سابق في كلية الحقوق في جامعة حلب أنّ الأعداد الواقعية للأساتذة الذين هاجروا من البلاد أكبر من ذلك. يقول: "أكثر من 15 من زملائي هم خارج البلاد". يتابع: "نتعرض دوماً للوم من هنا وهناك لأننا تركنا البلاد؟ لكنّ مغادرتنا كانت بسبب مؤيدي النظام في الجامعات السورية الذين نشروا إشاعات عن الأساتذة الذين تركوا البلاد بأنّهم خرجوا طمعاً بالمال في الجامعات الأوروبية وهذا ليس دقيقاً على الإطلاق. إذا نظرنا إلى أكبر موجة هجرة للأساتذة فقد كانت في بداية الثورة السورية أي بين عامي 2011 و2012، حين كانت الجامعات والمحاضرات تنتهك من قبل الشبيحة (عناصر تابعة للنظام السوري) لاعتقال الطلاب، بل يطلب هؤلاء من الأساتذة أن يكونوا عوناً لهم ضد طلابهم، أنا ممن لم يحتملوا هذا الوضع، وخرجت بلا رجعة".

في سبيل تغطية النقص الحاصل في الكوادر التدريسية، تلجأ الجامعات السورية اليوم للتعاقد استثنائياً مع أساتذة غير مثبتين كموظفين لديها. يقول مثنى، وهو طالب دكتوراه في كلية العلوم في جامعة دمشق، إنّ "إدارة الكليات باتت تتكل بشكل كبير على طلاب مرحلة الدكتوراه في تدريس العديد من المناهج النظرية، وعلى طلاب الماجستير في تدريس الأقسام العملية". يعلق: "بالرغم من أنّ هذا يبدو حلاً جيداً لطلاب مرحلة الإجازة، إلاّ أنه ينعكس سلباً على طلاب الدراسات العليا، ويؤخر من إنجازهم لأبحاثهم".

ويشير مثنى إلى أنّ "نقص أعداد الأساتذة انعكس سلباً على مستوى الدراسات العليا وتسبب بتراجع أعداد طلابها، بسبب عدم توفر أساتذة مشرفين على الأبحاث. من جانب آخر تسبب تراجع أعداد الأبحاث المنجزة في تراجع ترتيب جامعاتنا على مستوى العالم".

بانتظار التخرج

في سورية 25 جامعة من بينها 8 جامعات حكومية تضم العدد الأكبر من طلاب التعليم العالي، و17 جامعة خاصة توقف عدد منها في سنوات الحرب. يواجه الطلاب اليوم مصاعب كثيرة لم تكن موجودة في السابق، كاضطرار كثيرين منهم للانفصال عن عائلاتهم بسبب عدم قدرتهم على السفر إلى مكان سكن أهلهم، فيما يضطر آخرون للعمل لتأمين المصاريف الدراسية والعيش بالحدود الدنيا بانتظار التخرج.