من الضحية؟

من الضحية؟

25 مايو 2018
العدالة لنورا... عنوان حملة واسعة النطاق (فيسبوك)
+ الخط -

أمس، قُدّم طعن لدى محكمة الاستئناف السودانية في حكم الإعدام الصادر بحق نورا حسين حماد. وكان الحكم قد صدر في حقّ الشابة السودانية التي دافعت عن كرامتها وعن جسدها، فطعنت الرجل الذي أُجبرت على الارتباط به حين كانت تبلغ من العمر 16 عاماً. اليوم، تبلغ نورا 19 عاماً وتنتظر تنفيذ حكم الإعدام في حقّها، إلا في حال نجاح الطعن. وبعد أقل من أسبوع على حكم نورا، صدر حكم في حق امرأة عشرينية في إقليم دارفور، ينصّ على السجن ستة أشهر وعلى الجلد 75 مرّة، والسبب زواجها من دون موافقة والدها.

وتلخّص هاتان الحالتان إشكالية كبيرة تخصّ النساء والفتيات في السودان. إلى جانب مشاكل التزويج المبكر والاغتصاب الزوجي والعنف الأسري، لا نبالغ حين نقول إنّ الاتجار بالفتيات تحت مسمّى الزواج يُعدّ مشكلة أساسية لأنّه يجري بصورة رسمية بواسطة القانون والقضاء. ولعل المتاجرين الأساسيين بالفتيات هم أهلهن بالدرجة الأولى. فتعمد عائلات الفتيات اللواتي بلغنَ، بحسب الدين والعرف، إلى تدبير زيجاتهنّ طمعاً بمهورهنّ الغالية التي تمثّل محوراً أساسياً للزواج في بعض مناطق السودان، وخصوصاً في إقليم دارفور. هكذا، إلى جانب الأعراف والتقاليد والدين التي تحكم آليات الزواج، يرتبط الزواج بواقع اجتماعي - اقتصادي، إذ يمثّل المهر دافعاً لتزويج الفتيات، لا سيّما مع ارتفاع نسب الفقر والبطالة.

ولأنّ الاقتصاد محرّك كل شيء تقريباً، فإنّه ليس من مصلحة عائلات الفتيات والنساء أن تفسخ زواجاً أو تبطله، لأنّها بذلك سوف تكون مضطرة إلى إعادة المال للعريس وعائلته. ووالد نورا عندما خدعها مدّعياً أنّه سوف يتراجع عن إلزامها بالزواج طالباً منها العودة إلى المنزل، كان يطمع بالمال على حساب كرامة ابنته. وحين التجأت نورا إلى والدَيها لحمايتها بعدما طعنت الرجل الذي أُجبرت على الزواج به، سلّماها إلى السلطات. ربما خشيا من دفع "ديّة الميت" بحسب العادات والتقاليد، إذ إنّه إمّا يحاسب الجاني وإمّا يدفع ديّة الضحية.


وبموازاة حكم الإعدام الذي ينتظر نورا في حال فشل الطعن، ثمّة حكم آخر بالإعدام الجماعي على الفتيات في السودان وعلى النساء عموماً، بسبب تآمر الذكورية البطريركية التي تحكم الأسر، مع الدين والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كلّ ذلك يقف عائقاً أمام حصول المرأة على حقوقها وضمان كرامتها.

في ظلّ الواقع القاتم، يبقى أن نأمل نجاح الطعن بحكم الإعدام الصادر بحقّ نورا أو إلغائه تحت تأثير الضغطَين الدولي والإقليمي تضامناً معها، ليمثّل ذلك سابقة ربّما في ضمان حقوق المرأة وكرامتها.

*ناشطة نسوية

المساهمون