انتصار جديد لمتقاعدي السكك الحديدية المغاربة في فرنسا

انتصار جديد لمتقاعدي السكك الحديدية المغاربة في فرنسا

31 يناير 2018
أملهم كبير في الحصول على تعويضاتهم (العربي الجديد)
+ الخط -


انتظر العشرات من متقاعدي شركة "خطوط سكك الحديد" المغاربة، اليوم الأربعاء، ساعات تحت المطر قبل ولوج المحكمة، لمعرفة مصيرهم، بعد أن كانت هذه الشركة الحكومية الفرنسية قد استأنفت على حكم سابق لمصلحتهم.

وعلى الرغم من الأمل، الذي عزّزه دعمُ  "مُدافع الحقوق" الوزير السابق جاك توبون لهم، إلا أن القلق ظلّ ملازماً، خصوصاً أن الشركة الوطنية لسكك الحديد اختارت الدقائق الأخيرة لتعلن استئنافها على الحكم الأول الذي كان في مصلحة هؤلاء المتقاعدين.

وعند الساعة الواحدة والنصف، بعد الظهر، خرجت محامية المتقاعدين، سليلي دي ليسكين-جوناس، رافعة يديها في الهواء وهي تصرخ: "لقد انتصرنا"، وعلى وجهها ابتسامة عريضة، لم تفارقها خلال وقت وطويل وهي تعانق وتصافح المتقاعدين الموجودين واحداً واحداً، لتعلن انتصاراً ثانياً للمتقاعدين، إذ أكّدت المحكمة، اليوم، الحكم السابق، وسط صيحات هؤلاء  الـ"شيبانيين"، أي الذين اشتعلت رؤوسُهم شيباً، "عاشت فرنسا"، "عاشت الجمهورية"، و"عاشت العدالة".

وأضافت المحامية أنه "إضافة إلى انتصار المتقاعدين، فقد حصلوا على اعتراف المحكمة بوجود "ضرر معنوي".

وقد عبّر كثير من الحاضرين، الذين أتى بعضهم من أقاليم بعيدة، من شمال فرنسا، عن الارتياح الكبير، وعن بالغ الرضى بما صدر اليوم.


وأكدت المحامية، التي كانت تغالب تأثرها، أن "حكم اليوم يؤكد الحكم السابق في ما يخص قضيتي الترقّي في المهنة والتقاعد"، قبل أن تضيف، وسط هتافات بعض المتقاعدين: "وقد حصلنا اليوم إضافة إلى ما قلته من قبل على تعويضات وفوائد على الضرر المعنوي".

خرجت المحامية وهي ترفع يديها دلالة على الانتصار (العربي الجديد) 


ولا يعرف حتى الساعة حجم التعويضات المادية التي ستختلف بالتأكيد من متقاعد إلى آخر، بحسب الأقدمية وعدد السنوات التي اشتغل فيها.

ومعلوم أن هؤلاء المتقاعدين، الذين وظفتهم الشركة الوطنية الفرنسية ما بين سنتي 1970 و1983، كانوا، منذ 12 سنة، يطالبون بمبلغ 628 مليون يورو، وهو ما يمكن أن يَجبُر في نظرهم الضررَ الحاصل، سواء تعلق الأمر بالترقّي في المهنة والتقاعد والتكوين والحصول على الإسعاف والصحة وغيرها. وحققوا أول انتصار لهم سنة 2015، لكن الشركة الوطنية لسكك الحديد استأنفت على الحكم القضائي الذي كان يلزمها بدفع أكثر من 170 مليون يورو كتعويضات وفوائد.

لا يعرف حتى الآن حجم التعويضات المادية (العربي الجديد)


وردّاً على سؤال وجهّه "العربي الجديد" إلى المحامية، سليلي دي ليسكين-جوناس، إن كان هذا الحكم نهائياً، أكّدت رضاها عن الحكم الصادر، لكنها أكّدت أن الكرة، الآن، توجد في ملعب شركة سكك الحديد، التي "إمّا أن تقبل الحكم وتبدأ في تعويض المتقاعدين، وإما أن تعترض على الحكم، وحينها سنكون مضطرين للجوء إلى محكم النقض".

وهذا اللجوء إلى محكمة النقض يزعج هؤلاء المتقاعدين، المتعبين والمنهكين، الذين يعاني كثير منهم من المرض، ما منعهم من الحضور.

محمد خليدي من مدينة الراشدية، ويقطن في دنكيرك، شمال فرنسا، غالب مرضه وحضر. لم يخفِ أمامنا حقيقة أن البطء الذي عرفته القضية أوشك أن يقضي عليه: "تعبت، والله، ولست أدري، في حال اعتراض الشركة على الحكم، إن كنت سأعيش لأسمع قرار المحكمة المقبل".

لا يريد المتقاعدون، الذين كانوا يهنئون أنفسهم ورفاقهم، أن يواصلوا المعركة. "أتمنى من الله أن يعطوني تعويضاتي، وأستريح مع حفدتي".

مخاوف من اللجوء إلى محكمة النقض (العربي الجديد)


وعلى الرغم من أن الحكومة المغربية لم تساعدهم، كما يجب، على الرغم من أنها كانت شاهدة على عُقود الشغل التي قدم بموجبها أكثر من ألفي مغربي إلى فرنسا، وهو ما يثير حنقهم، إلا أن كثيراً منهم ينتظر الحصول على هذه التعويضات حتى ينقلها ويستثمرها في بلاده.

الحاج محمد العمراني، متكئاً على عصاه يغالب مرضه، قدم من شمال فرنسا على أمل أن يكون لقاء اليوم الأخير، يقول لـ"العربي الجديد": "لقد اشتغلنا طول حياتنا في هذا البلد، وبدل أن نستريح كرفاقنا الفرنسيين، ها نحن نواصل النضال من أجل الحصول على تعويضات مقابل كل الظلم التاريخي الذي ألحق بنا".

ولا يريد الحاج العمراني أن يقنع نفسه بفكرة أنه لو حصل على الجنسية الفرنسية لكانت ظروفه أفضل "وما دخل الجنسية، ما دمنا نؤدي نفس الشغل، ونشارك في التأمين أكثر من الفرنسيين؟".

لم تساعد الحكومة المغربية هؤلاء العمال (العربي الجديد)


في المقابل، قرّر بعض هؤلاء المغاربة، بُعيْد وصولهم إلى فرنسا، الحصول على الجنسية الفرنسية، وهو ما ساعدهم كثيراً، فحصلوا على تقاعد مبكر، مثل الفرنسيين، أي في سن الخامسة والخمسين، فيما انتظر من كان يعتبر، من دون وعي حقيقي، أن التجنّس نوع من الخيانة لبلده المغرب، التقاعد في سن 65.


أحمد العلوي، في الرابعة والسبعين، يرفع يديه إلى السماء، يتفاءل بالأمطار التي بللت رأسه وجلبابه، وهو يقول: "أتمنى من الله ألا تستأنف شركة سكك الحديد على هذا الحكم التوكيدي لسابقه".

هو أمل كل الحاضرين، والغائبين، الذين تم إخبارهم عن طريق الهاتف والواتساب، لولا أن القلق لا يزال موجوداً. يقول العلوي: "من خبث شركة سكك الحديد في المرة السابقة أنها انتظرت الدقائق الأخيرة لتستأنف الحكم. ولا نتمنى أن تُعيد فعلتها تلك".

يتمنى الحاج العمراني أن ينتهي نضالهم بالانتصار (العربي الجديد)