"مين قال؟ نحن قال"

"مين قال؟ نحن قال"

21 نوفمبر 2015
يقال إن المرأة الجميلة غبيّة والقويّة مسترجلة (فرانس برس)
+ الخط -
من قال إن المرأة إذا اختارت أن تكون نسويّة يجب أن تكون رفضيّة؟ ومن قال إن الرجل إذا تأثّر يكون ضعيف الشخصيّة؟ من قال أيضاً إن المرأة التي لم تتزوّج تكون عانساً؟ نحن قلنا ذلك. عقدُنا الاجتماعي يقول ذلك ويبرّره. لدينا ميل دائم إلى تصنيف الأشخاص في صناديق عليها وسم. من يعي الأمر يتجنّبه. يحرصُ على ألّا يكون أو يُحتسب مع السائد، ويبذل جهداً ليصبح "بوليتيكالي كوريكت". لا يمكن ترجمة هذا المصطلح بكلمة في اللغة العربية، وهو أن نعي ماذا نتصرف أو نقول من دون الانزلاق في تصنيفات غير صحيحة أخلاقياً أو حقوقياً، بحسب قوالب معدّة مسبقاً.

لكن لماذا نفعل ذلك؟ التبرير النظري ــ العلمي للأمر، هو أن عقلنا لا يستطيع استيعاب جميع المثيرات من حولنا. لذلك، نسعى إلى استخدام وسائل دفاعيّة نفسيّة لتصنيف الأشخاص من خلال "طرق مختصرة"، لنشعر أن الوضع غير مربك. نفعل ذلك إذاً لنخفّف من شعورنا بالقلق. الأمور تحت السيطرة إذاً. هذا ما نشعر به حين نضع الأشخاص من حولنا في صناديق. يكفي أن يبدر من الشخص سلوك ما حتى نضع الشخص بكليّته في خانة ونقفل عليه.

التعاطي مع الأشخاص وتصنيفهم على أساس سلوكهم وليس شخصهم/ شخصيتهم يخفّف كثيراً من التوتّر والقلق. لكن في الحقيقة، ما يسبب القلق هو التصنيف الدائم ووسم الأشخاص ووضعهم في صناديق بحسب الطائفة أو الجندر أو الدين أو الجنسيّة. نفعل ذلك لنؤكّد أن هؤلاء الأشخاص "الآخرين" مختلفون عنّا. لسنا بحاجة إلى أن نتعاطف معهم أو نبرّر لهم إذاً. هذا السلوك الاجتماعي الجماعي يضع فئات من المجتمع في جزر موسومة ويقطع سبل التواصل معهم وبينهم. هي حالة من القلق الجماعي والحاجة المستمرة لحماية الذات من خلال إبعاد الآخر وتعليبه.

نميل إلى وضع النساء في صناديق جامدة ربما أكثر من الرجال. إذا بدر من المرأة تصرّف جازم فهذا يعني أنها متسلّطة. وإذا حدث وتأثرت أو بكت بسبب حادثة معيّنة فهي "دراما ــ كوين" (ملكة الدراما). المرأة الجميلة غبيّة، والقويّة مسترجلة. في العادة، تكون التصنيفات توصيفيّة. لكن مع النساء (والرجال)، تصبح وصفة إلزاميّة. بما أنها امرأة، لا بد من أن تكون كذا وكذا. وبما أنه رجل، لا بد من أن يكون كذا وكذا.

باختصار، في داخلنا جهاز بدائي مبرمج يتضمّن نظام ترميز، نقوم بتشغيله تلقائياً في المجتمع. وكلّما كان المجتمع أكثر تخلّفاً، كلّما كان نظام الترميز متخلّفاً. ويمكن القول إن مثل "كل امرأة كول (منطلقة) هي نصف شاب"، هو أكبر دليل.

(ناشطة نسويّة)

إقرأ أيضاً: مسؤولة أم ضحية؟

المساهمون