عصابات آثار العراق تكثّف نشاطها مستغلّة الفوضى الأمنية

عصابات آثار العراق تكثّف نشاطها مستغلّة الفوضى الأمنية

17 نوفمبر 2015
عصابات الآثار بالعراق تستغل الفوضى الأمنية لنهب تاريخه(فرانس برس)
+ الخط -

فتحت المعارك التي تخوضها القوات الحكومية العراقية المجال أمام عصابات سرقة الآثار جنوب البلاد لتكثيف نشاطها. ويصف المتتبعون الوضع بـ"غير المسبوق، ما جعل تلك العصابات تعمل بكل ارتياح في تهريب الآثار نحو مختلف دول العالم، وأبرزها إيران ولبنان واليونان بالإضافة إلى تركيا".

ويرى المتتبعون للملف أن عصابات الآثار في العراق، تلجأ لخدمات تجار مختصين. كما يربطون هذا النشاط المكثف والقوي للترهيب، بـ"فساد الأجهزة الأمنية العراقية، التي تلعب دورا كبيرا في اتساع نشاط العصابات، وتحركها بحرية في مواقع الآثار وتسهيل طرق تهريبها، بسبب ضعف الرقابة الأمنية".

ويكشف خبير الآثار مثنى الطائي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "عمليات سرقة الآثار جنوب العراق، تتزايد بشكل غير مسبوق. وتشمل عمليات السرقة مجموعة من القطع الأثرية، منها: ألواح مكتوبة بالخط المسماري القديم، حلي ذهبية، وفخاريات مختلفة، بالإضافة إلى مختلف التماثيل التي تعود للعصور البابلية والسومرية".

كما يلفت إلى أنّ "هناك آلاف المواقع الأثرية جنوب العراق التي تعرف نشاطات عصابات الآثار"، وأن أبرزها "تتمركز في محافظة بابل (96 كيلومترا جنوب العاصمة بغداد)، وتضم وحدها أكثر من 765 موقعاً أثريا، أغلبها، يعود للعصور البابلية والسومرية، وهي محط أنظار عصابات التهريب، لما تحتويه من كنوز ضاربة في القدم".

ويشير الخبير العراقي إلى وجود مواقع أخرى في كل من مناطق "النجف" و"كربلاء" و"الناصرية"، كذلك البصرة و"ذي قار"، وغيرها من بلدات ومدن الجنوب العراقي.

وتلجأ عصابات سرقة الآثار بحسب الخبراء إلى حفر المواقع التي لم تحدث فيها عمليات التنقيب، وذلك للابتعاد عن أعين أجهزة الأمن، وتكون المواقع المستهدفة غالباً، بعيدة عن المناطق القريبة من مراكز المدن.

ويوضح الباحث في الآثار العراقية مسلم عبد السميع في حديث لـ"العربي الجديد"، أنَّ "العلماء يقدرون عدد المواقع الأثرية في عموم العراق بحوالي 40 إلى 60 ألف موقع. ولكن بحسب أغلب الخبراء فإنّ المواقع الأثرية في العراق قد تتجاوز 100 ألف موقع، لم يكتشف منها حتى الآن سوى 5 %فقط. ويعود تاريخها إلى الحضارات الآشورية والبابلية والسومرية، مروراً بالعصر الإسلامي العباسي، وحتى العهد العثماني، وهي مدة تمتد لنحو عشرة آلاف عام، وفقاً للمؤرخين".

 كذلك، يبيّن عبد السميع أنّ "عمليات النهب والسرقة المنظمة، تجري على قدم وساق للآثار العراقية جنوب البلاد. وبدأت العمليات منذ دخول الاحتلال الأميركي. ولكنها اليوم على أشدها في ظل انشغال الحكومة العراقية بالحرب على "داعش". ويتم تهريب الآثار إلى إيران ولبنان وتركيا واليونان عبر مختصين، وما يسهل نشاط العصابات، تواطؤ عناصر وقيادات من أجهزة الأمن العراقية وزعماء سياسيين".

اقرأ أيضاً: استرجاع "حجر نبوخذ نصر الثاني": ماذا بعد؟

وكان وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، قد طالب مطلع سبتمبر/أيلول الماضي المجتمع الدولي بتشديد الرقابة على الآثار العراقية المسروقة، وضرورة إعادتها إلى العراق، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق من وصفهم بـ"مستهدفي منابع الثقافة العالمية".

لكن انشغال الحكومة العراقية خلال عامي 2014 -2015 بالحرب الداخلية، حسب المتتبعين، أسفر عن نشاط وانتشار غير مسبوق لعصابات سرقة الآثار جنوب البلاد بشكل خاص، ما دفع الحكومة للمطالبة بقوات دولية لحماية آثار العراق.

وفي هذا السياق، دعا وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي فرياد رواندزي، اليوم، إلى "دعم مشروع قرار عراقي إيطالي مشترك، من المزمع تقديمه إلى مجلس الأمن الدولي، للمطالبة بإرسال قوات دولية لحماية آثار العراق من عمليات النهب والسرقة والتدمير".

وسبق أن استعاد العراق في شهر مارس/آذار الماضي رأس الملك الآشوري سرجون الثاني، و60 قطعة أثرية أخرى سلمتها الولايات المتحدة الأميركية للسفارة العراقية في واشنطن.

ويتهم المراقبون والمهتمون بالآثار العراقية، الجيش الأميركي "بسرقة آلاف القطع الأثرية والكنوز من مناطق مختلفة في جنوب البلاد، بالإضافة إلى ملايين المخطوطات التاريخية، دون إغفال تدمير الآثار جراء القصف بالدبابات والآليات الثقيلة، وتحويل مجموعة من المواقع الأثرية إلى ثكنات ومواقع عسكري".

كما يتهم الخبراء والمراقبون قوات الاحتلال الأميركي بفتح المجال أمام عصابات سرقة ونهب الآثار، بعد الغزو الأميركي عام 2003، وأن قواتها هي من بدأت أولا بنهب الآثار العراقية وتهريبها إلى خارج البلاد.