عمال المغرب بين مطرقة الصوم وسندان الحرارة

عمال المغرب بين مطرقة الصوم وسندان الحرارة

17 يونيو 2016
يعملون تحت الشمس ساعات طويلة (GETTY)
+ الخط -



ينطلق بوشتة (56 عاماً) في الصباح الباكر إلى ورشة البناء التي يشتغل فيها في ضواحي العاصمة المغربية الرباط، كل يوم من أيام رمضان، يشتغل ساعات طويلة وهو صائم، وتحت أشعة الشمس الحارقة المسلطة على رأسه وباقي زملائه.

بوشتة ليس العامل الوحيد الذي يعاني من صعوبة الصيام في قيظ الحرارة خلال هذه الفترة من السنة بالمغرب، بل مثله آلاف العمال الذين يشتغلون في ورش البناء والتشييد تحت سقف السماء مباشرة، والعمال الذين يشتغلون في الأفران، أو من يعملون في قطاع الحديد، وغيرهم.
وتعرض كثير من العمال المغاربة، خاصة في ورش ومشاريع البناء لضربات الشمس القوية خلال الأيام الأولى من شهر رمضان، والتي شهدت ارتفاعاً كبيراً في درجات الحرارة بلغت في بعض المناطق 48 درجة مئوية، بخلاف المعتاد في مثل هذه الفترة من العام خلال سنوات ماضية.
ويقول بوشتة لـ"العربي الجديد"، إن كثيرين ممن يصومون رمضان في الصيف يشكون من ارتفاع الحرارة، وصعوبة يوم الصيام بسبب العطش، كلهم لا يدركون حقيقة صوم العامل الذي يشتغل في الشارع مباشرة تحت أشعة الشمس الحارقة، ودون وسائل وقائية على مدار ساعات طويلة تصل أحياناً إلى ما قبل غروب الشمس.
وتابع أن "صوم العامل هو الأكثر مشقة عن غيره من الأجراء والموظفين والمستخدمين في جميع القطاعات، باعتبار أن صوم الموظف في مكتب مكيف، أو داخل مصنع بعيداً عن حرارة الطقس، ليس مثل صوم عامل البناء مثلاً".


ويقول الطبيب محمد بنضاري، لـ"العربي الجديد"، إن اشتغال العامل في المجالات التي تضطره لاستخدام عضلاته وبقاء جسده مباشرة تحت الشمس، أمر منهك قد يشكل خطورة على حياة الصائم.

وتابع أن العامل لا يشعر وهو يباشر عمله بتأثير أشعة الشمس الساخنة التي تصب على رأسه ساعات متوالية، فيما يكون خزانه من السوائل قد انتهى بعد ساعات من الصيام، فيتعرض إما إلى جفاف الجسد المفضي إلى الإغماء، أو يتعرض لضربة شمس قوية، أو لمرض التهاب السحايا في بعض الأحيان.
ودعا الطبيب العمال إلى وضع وسائل وقائية تحفظهم من ضربات الشمس القوية خلال أيام الصوم، مثل القبعات، ومحاولة التبكير في الذهاب إلى العمل، أو اللجوء إلى الظل بالنسبة لمن يستطيعون ذلك مثل الباعة المتجولين، بهدف سلامتهم البدنية خلال الشهر الفضيل.
وينصح الطبيب العمال الذين يستنزفون الكثير من طاقاتهم في نهار رمضان، خاصة خلال الطقس الحار، أن يتناولوا الكثير من المياه والعصائر والخضر خلال فترة الليل، بين الإفطار والسحور، من أجل تعويض ما يفرزه الجسد من عرق أثناء المجهود العضلي الذي يبذله العامل أثناء النهار.