سميرة كركوش: القوانين الجديدة تُنصف المرأة الجزائريّة

سميرة كركوش: القوانين الجديدة تُنصف المرأة الجزائريّة

09 ابريل 2015
سميرة بوراس كركوش (رسم: أنس عوض)
+ الخط -

- كيف تعرّفين بنفسك؟
أنا نائبة في البرلمان الجزائري عن حزب جبهة التحرير الوطني، حائزة على شهادة ماجستير في علوم الاتصال وعلى شهادة بكالوريوس في العلاقات الدولية. وأنا أتابع على الدوام، الواقع الذي تعيشه المرأة الجزائرية وأحاول تقييم ما حققناه كناشطات عبر نضالنا اليومي منذ الاستقلال وحتى اللحظة.
من غير المسموح لنا أن نتوقّف هنا، لذا نحن نمضي قدماً في صراعنا المستمر لترقية المرأة الجزائرية وتطوير المجتمع الجزائري.

- إذا أردنا التحدّث عن القوانين الجديدة التي صادقتم عليها كنواب في البرلمان، ما هي الإضافة التي تقدّمها هذه التشريعات في سياق النضال التحرري للمرأة الجزائرية؟
بالنسبة إليّ، هذه القوانين هي انتصار للمرأة بعد نضال طويل. فالمرأة الجزائرية كافحت على مرّ السنين من أجل حقوقها، واليوم تمضي في نضالها من أجل مجتمع متوازن. والقوانين الجديدة تأتي كإنصاف لها وتهدف كذلك إلى حمايتها ودعم حضورها المؤثر في حياتنا وفي مستقبلنا. وهي نجحت في تحقيق تقدّم مهم على صعيد التكفل بالنساء، وفتح مساحة أمامهن للتواصل وممارسة حقوقهن.

- وما هي هذه القوانين؟
بعض هذه القوانين الجديدة التي صادق عليها البرلمان أخيراً، أتت لتدعم قوانين سابقة في مجال ترقية المرأة شملت أربعة قوانين وهي: قانون الإعلام وقانون الأحزاب وقانون الجمعيات وقانون مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة تبعاً للمادة 31-10 من الدستور الجزائري التي تنصّ على المساواة في الحقوق السياسية بين الرجل والمرأة. وأنا من خلال نشاطي الحزبي والمدني والبرلماني، أعمل كل ما بوسعي لتمكين المرأة سياسياً ولغرس ثقافة التقييم وتحديد المسؤوليات.

- وعلى أرض الواقع، كيف ترين وضع المرأة الجزائرية لجهة حقوقها وحضورها الاجتماعي والسياسي؟
هنا، أقول بضرورة سنّ العديد من القوانين الإضافية التي تخدم قضايا المرأة الجزائرية. فنحن لا يمكننا غضّ النظر عن أن سبعين في المائة من طلاب الجزائر هم من الإناث، والعالم كله يتغير مع تطوّر الحياة ووسائل الإعلام وبلوغ المرأة مراكز القرار.
والمرأة الجزائرية تعرف إمكاناتها ومدى قدرتها على تقديم إضافة ما، لذا فهي تظهر قدراتها في رفع التحدي وهي جادة في كل عمل تنجزه سواء في داخل البيت أو خارجه، وذلك بتفان وإخلاص تجاه وطنها وعائلتها. وبالفعل، برهنت في كثير من القطاعات أنها تقدّم أو تعطي أكثر وتناضل من أجل وطنها بأفكار ومشاريع تخدم المرأة والرجل على حد سواء. فهي دخلت الميادين العلمية وتخطو خطى كبيرة في الحياة السياسية الجزائرية وقد نجحت في بلوغ مناصب متعددة وأثبتت حضورها فيها ولو أنها ليست حساسة.

- وماذا عن دوركم كبرلمانيين وحزبيين هنا؟
نحن نعمل في لجنة لحقوق الإنسان ونصنّف القوانين، وننقل المشكلات من أرض الواقع إلى قاعة البرلمان من أجل سنّ القوانين التي من شأنها أن تساعد على تمكين المرأة. لكن ثمّة معوقات تعترض طريقنا، تتمثل في غياب إطار لجنة دائمة خاصة بالمرأة. كذلك نعيب على الأحزاب ألا تتجاوز نسبة تمثيلها النسوي ثلاثين في المائة، بالإضافة إلى أنها لا تقوم بأي متابعة من طرفها بهدف ترقية المرأة، وهو ما ينعكس على الهياكل الحزبية خصوصاً وأنها لا تعدّ دورات تدريبية لتهيئة المرأة للحياة السياسية. بالتالي، النساء اللواتي يصلن هنّ المناضلات أو هؤلاء اللواتي يملكن إرثاً سياسياً. وتجدر الإشارة إلى أن بعض هؤلاء النساء يصلن عبر "كوتا" انتخابية ولا يعرفن كيفية الدفاع عن حقوقهن.

- كيف تقيّمين تجربة المرأة الجزائرية البرلمانية؟
كما كنت قد أشرت آنفاً، فإن عدم بروز المرأة بشكل أكبر تتحمّل مسؤوليته الأحزاب السياسية التي ما زالت لا تتقبل المرأة كشريك فاعل ومحرك للمجتمع. وعلى الرغم من أن الأحزاب السياسية أولت اهتماماً كبيراً لمشكلاتها الداخلية في حين أهملت قضايا المرأة، إلا أن الأخيرة نجحت في أن تشغل أكثر من ثلث مقاعد البرلمان الجديد، فحصدت 146 مقعداً من أصل 462، وحصلت على عشرين في المائة من مقاعد المجالس المحلية المنتخبة، لتضيف حركة ونفساً جديداً على الحياة السياسية. وبهذه النسب، نجحت الجزائر في الانتقال من المرتبة 122 في التصنيف العالمي الخاص بالتمثيل النسوي في البرلمانات إلى المرتبة 25. بالتالي، أصبحت تتصدّر تصنيفات الدول العربية.

- من جهة أخرى، ما زالت الأرقام المخيفة المتعلقة بالعنف الممارس ضد المرأة والطفل تصدر عن الجهات الرسمية، وفي مقدمتها مصالح الأمن. ما هي الخطوات التي تنوون القيام بها للحد من هذه الممارسات؟
قبل أن تأتي الحكومة بمشروع القرار المتعلق بالعنف الممارس ضد المرأة والطفل، كانت الدولة قد تبنّت استراتيجية وطنية شاملة طبّقتها وزارة التضامن الوطني بهدف الحد من ظاهرة العنف والتكفل بالمرأة المعنّفة. فأنشأت مراكز لاستقبال المرأة المعنّفة، وعُمّمت هذه الاستراتيجية على الولايات الجزائرية كلها. وكانت المساعدات الاجتماعيات وسيطاً دائماً ما بين المرأة المعنّفة والمحاكم، ووسيطاً أيضاً ما بين المرأة نفسها وزوجها في محاولة لإجراء عملية صلح والمحافظة على خصوصية الأسرة من أجل حمايتها. إلى ذلك، قدّمت مساعدات للتكفل بالأسر التي لا تملك مأوى وتبيت في الشارع، وكان أيضاً تكفل نفسي ومعنوي بتلك الأسر.

- أثارت القوانين التي صدرت أخيراً ردود فعل مختلفة في المجتمع الجزائري لا سيّما من قبل بعض رجال الدين. كيف تقيّمين ردود الفعل المتناقضة؟ وهل تظنين أن جهات رافضة لهذه القوانين الخاصة بالنساء، قد تمارس ضغوطاتها هنا؟
نحن في الجزائر نعيش في مناخ منفتح على الرأي والرأي الآخر. كذلك نحن نعمل على الحفاظ على الأسرة الجزائرية وتطبيق القوانين من أجل صون حقوق الرجال والنساء على حد سواء وتنظيم العلاقات في ما بينهم حتى لا يُظلم أي طرف.
وأعتقد أن ثمة سوء فهم وقراءة غير صحيحة للقانون الجزائري. فهو مستمدّ من الشريعة الإسلامية، وديننا الحنيف كرّم النساء وعاملهن معاملة حسنة. لكن كثيرين لم يطلعوا على القانون الخاص بالمرأة وهم يعارضون فقط من أجل المعارضة وإثارة البلبلة.
وأقول إن القانون واضح وتمت المصادقة عليه وسيصار إلى تطبيقه. ونحن نعمل من أجل احترامه، إنصافاً للأسرة الجزائرية وحفاظاً على وحدتها حتى لا يتحوّل الأطفال ضحايا للتشرّد وللتفكك الأسري.

المساهمون