أطفال مصريون بين منزلين

أطفال مصريون بين منزلين

13 مارس 2016
500 قضية حضانة أطفال في محاكم الأحوال الشخصية (Getty)
+ الخط -

تعدّ حضانة الأطفال في مصر إحدى المشاكل الرئيسية التي تلي الانفصال بين المرأة والرجل. وتكثر الدعاوى المتعلقة بالحضانة في محاكم الأسرة في المحافظات المصرية، علماً أن الدراسات تشير إلى أن نسبة الطلاق في مصر في ازدياد مستمر.

وهناك أمثلة كثيرة عن المشاكل التي تلي قرار الطلاق، وخصوصاً إذا فاز الأب بحضانة الأطفال. وفي بعض الأحيان، يعاني الأطفال من سوء المعاملة في منزل الوالد، وخصوصاً من قبل الزوجة الجديدة. وقد يحصل الأمر نفسه في حال احتفظت الأم بأطفالها وتزوجت مرة أخرى.

في السياق، تقول هدى ع. وهي ربة منزل لـ "العربي الجديد"، إنها خاضت معركة في القضاء المصري استمرت أربعة أعوام. تلفت إلى أنها أنجبت طفلين من زوجها السابق، وقد حصل على حضانتهما بقرار من المحكمة. وعلى الرغم من حصولها على حق رؤيتهما يومين في الأسبوع، إلا أن والدهما تعمّد إبعادهما عنها، فحرمت من احتضان طفليها وتربيتهما. تقول إن ذنبها الوحيد هو عجزها عن الاستمرار معه.

من جهته، يقول أحمد م. إن زواجه لم يدم أكثر من عام وستة أشهر، وقد رزق خلالها بطفل. يضيف: "صار أهل زوجتي يتدخلون في حياتنا، وكانت النتيجة الطلاق، وقد حصلت طليقتي على حكم قضائي بحضانة ابني. لكنني فوجئت بتعنت أهلها ومنعي من رؤية ابني، علماً أن قرار المحكمة أتاح لي رؤيته ليوم واحد في الأسبوع. إلا أنهم تقدموا بشكوى ضدي وقالوا إنني لا أهتم به جيداً، حتى صرت أرى ابني ساعة واحدة في الأسبوع فقط".

في المقابل، لعبيرح. قصة أخرى. تقول إنها تطلقت وهي حامل في الشهر الرابع بسبب تدخلات حماتها. وبعدما أنجبت طفلها، اتفق الأهل، ومن دون اللجوء إلى المحاكم، على أن تحصل الأم شهرياً على مبلغ من المال إلى حين دخول طفلها المدرسة، على أن يراه الأب مرة في الأسبوع عند أحد الأقارب. إلا أنه أخلّ بالشروط، ولم يدفع المال أو يراه، ما دفع الأم للجوء إلى المحاكم.

اقرأ أيضاً: أطفال الشوارع.. يلجأون للادمان في مصر لاتّقاء البرد

في السياق، تؤكّد مستشارة قضايا الأسرة في محكمة إمبابة في محافظة الجيزة سوسن نصير أن هناك نحو 500 قضية تتعلق بحضانة الأطفال في محاكم الأحوال الشخصية، لافتة إلى أن الطلاق يؤدي في بعض الأحيان إلى لجوء الأطفال إلى الشارع. تضيف أنه في بعض الأحيان، قد لا يطيق زوج الأم أو زوجة الأب وجود الطفل بينهما، فيصير مصيره الشارع. وتشير إلى أن الانفصال يُشعر الطفل بعدم الأمان النفسي وفقدان الحماية، مبيّنة أنه مهما كانت قضايا الحضانة سلمية، إلا أنها تؤثر على الطفل. تضيف أنه عادة ما يعاني الأطفال من مشاكل نفسية، كالخوف من الظلام والتبول اللاإرادي والفزع أثناء النوم. أما الأطفال الذين هم في المدرسة، فيميلون إلى الانطواء ويعانون من عدم التركيز.

إلى ذلك، يقول عدد من علماء الاجتماع والتربويين إلى أن قضايا الطلاق، وحرمان الأبناء من رؤية آبائهم، قد تؤدي إلى ضياع هؤلاء بنسبة كبيرة تصل إلى 40 في المائة. وتزيد هذه النسبة بسبب المعارك التي يخوضها الأهل في المحاكم، ليكون الأطفال هم الضحية. وعادةً ما يذم كل طرف بالآخر للحصول على حضانة الطفل. ويشيرون إلى أن هؤلاء الأطفال يعانون حين يتنقلون بين والديهما، حتى أنه يمكن القول إن الأطراف المتنازعة ليست جديرة برعاية الأطفال وحضانتهم. وقد لا يتردد البعض بتعنيف الأطفال وإيذائهم جسدياً وإلصاق التهمة بالآخر للفوز بالحضانة.

من جهته، يوضح الباحث في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية سيد إمام أنه "ليس جميع زوجات الأب شريرات، أو حتى الأب نفسه. إلا أنه في بعض الأحيان، تقع جرائم من قبل زوجة الأب أو الأب بحق الأطفال". أما أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس سامية خضر، فتوضح أن هناك مشكلة حقيقية في ما يتعلق بحضانة الأطفال. وترى أن الأب والأم قد يظنان بأن خيار الانفصال قد يضع حداً للمشاكل بينهما، إلا أن ذلك قد لا يكون صحيحاً.

سوء معاملة

يقول الباحث في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية سيد إمام إن مشكلة الطلاق بدأت تزداد إلى درجة تهدّد الاستقرار الأسري، ما يؤدي إلى مشاكل في المجتمع. وعادة ما تقع مشاكل كثيرة نتيجة الطلاق، وخصوصاً بعد أخذ الأب للأطفال. وفي بعض الأحيان، يعاني الأطفال من سوء المعاملة في منزل والدهم في حال تزوج من أخرى.

اقرأ أيضاً: مليونا طفل مصريّ مجهولو النسب