"خطوات" أطفال فلسطين

"خطوات" أطفال فلسطين

15 نوفمبر 2016
تشجّع على ممارسة الرياضة (العربي الجديد)
+ الخط -

اليوم، في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني، تحتفل مؤسّسة "خطوات" بمرور عشر سنوات على إنشائها. والمؤسّسة التي انطلقت في عام 2006 وتنظّم برامج رياضية خاصة للأطفال الفلسطينيين المهمّشين في مخيّمات فلسطين ولبنان والأردن، حقّقت إنجازات غير متوقّعة. على الرغم من ذلك بقيت مجهولة بالنسبة إلى كثيرين، أمّا السبب فتفضيلها التركيز على تحقيق الأهداف عوضاً عن الدعاية الإعلاميّة.

هاني قطّان هو مؤسّس "خطوات"، يخبر "العربي الجديد" أنّه مذ كان في السادسة عشرة من عمره، أدرك أهميّة الرياضة في حياته. فهو كان يلعب كرة القدم في العاصمة اللبنانية بيروت، حيث نشأ. ويشير إلى أنّ أبناءه يمارسون الألعاب الرياضية كذلك، "وأرى تأثيرها الإيجابي على جميع الأطفال". وتكمن فائدة هذا المشروع بحسب قطّان في "إبعاد الصغار عن الشارع وتوفير مدرّبين لهم وأماكن يتمكّنون فيها من ممارسة الرياضة". ويندرج المشروع في إطار "العمل الخيري، ويؤثّر على حياة آلاف المتدرّبين والمدرّبين من مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين". واللافت أنّ أطفالاً كثيرين يتخرّجون من "خطوات" يعودون إليها للعمل كمدّربين، والمهمّ هو أنّ "المؤسّسة لا تتعاطى بشؤون السياسة على الإطلاق. تركيزها كلّه ينصبّ على الأطفال".

يخبر قطّان أنّه حين غادر لبنان وتوجّه إلى بريطانيا في عام 1974، كان حلمه "العودة إلى بيروت والانخراط في نشاطات رياضية". لكنّ شؤون الحياة شغلته سنوات طويلة، ومنها الدراسة والعمل، إلى أنّ قرّر في عام 2006 التوقّف كلياً عن العمل والبدء بمشروع "خطوات". شارك قطّان عشرين من أصدقائه بفكرته، على أن يدفع كلّ واحد منهم مبلغ خمسة آلاف دولار أميركي في العام الأوّل وانتظار النتائج. كان أصدقاؤه من جنسيات مختلفة، عربيّة لا سيما فلسطينيّة وكذلك أميركية وغيرها. ويوضح قطّان أنّ المتبرع يدفع ما بين خمسة آلاف وعشرة آلاف دولار كحدّ أقصى لسببَين اثنَين، أوّلهما حتى لا تصبح المؤسّسة تحت سيطرة أيّ منهم وكذلك حتى لا يظنّ أحد أنّ أمواله كانت وراء نجاح "خطوات". ويصل عدد هؤلاء المتبرّعين إلى نحو 250 شخصاً.

إلى ذلك، تتلقى "خطوات" دعماً من مؤسّسات عالمية، من قبيل مصارف وشركات مختلفة ومنظمات إنسانيّة وغيرها. ويلفت القطّان إلى أنّ إحدى شركات الملابس والمعدّات الرياضيّة المشهورة قدّمت وحدها تبرّعات عينيّة بقيمة سبعة ملايين دولار في عام 2007، مشدداً على أنّ "تلك الشركات الداعمة لا تفرض أيّ شروط في مقابل دعمها المؤسّسة. وجلّ ما تقوم به خطوات هو تقديم تقارير دورية لها عن إنجازاتها وأهدافها". يُذكر أنّ المؤسّسة تمكّنت من جمع مائة ألف دولار في عام 2006، وقد وصل المبلغ في العام التالي إلى 400 ألف وبعده إلى 800 ألف، ليستمرّ بالارتفاع.




في سياق متّصل، يؤكّد قطّان أنّه تعمّد تسجيل "خطوات" في بريطانيا حتى تكون تحت رقابة الحكومة البريطانية، لأنّ تلك الصفة تدفع الناس أو المتبرّعين إلى الوثوق بالجهة التي يدعمونها ويقدّمون المال لها. لكنّه حين توجّه إلى المخيّمات في فلسطين، تحفّظ بعض الأهالي عندما اطلعوا على هويّة المؤسّسة في البداية، خصوصاً بشأن انتساب الفتيات. فهم كانوا يجهلون من يقف وراءها، لكنّهم ما لبثوا أن اطمأنّوا. وبدأت "خطوات" عامها الأوّل مع 400 فتى وفتاة تتراوح أعمارهم بين سبعة أعوام و16 عاماً". وهؤلاء التحقوا بها لتتسنّى لهم فرصة التدرّب على مهارات لعب كرة القدم وكرة السلّة، وذلك من مناطق مختلفة، من القدس وبيت لحم ورام الله.

تجدر الإشارة إلى أنّ قطّان يصرّ على أن يكون عدد الفتيات مساوياً لعدد الفتيان، من منطلق إيمانه بالمساواة بين الجنسَين، مشيراً إلى أنّ "المسؤولين في المؤسّسة بمعظمهم من الإناث".
بعد عامَين أو ثلاثة، اتّسع نطاق عمل "خطوات" لينتقل إلى مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في عام 2009، بعدما سُجّلت حاجة لدى الأطفال هناك إلى المشاركة في نشاطات رياضة. وتوسّعت المؤسّسة أكثر لتشمل برامجها الرياضية أطفال فلسطين في الأردن. ولا يتوانى قطّان عن التعبير عن دهشته، من جرّاء السرعة في ارتفاع أعداد الملتحقين بالمؤسّسة والذي يبلغ اليوم سبعة آلاف طفل ومراهق.

لا تقتصر برامج "خطوات" على تدريب الأطفال والمراهقين على كرة القدم وكرة السلّة، بل كذلك على النظافة الشخصيّة والحفاظ على البيئة بأسلوب ممتع. ويرى قطّان أنّ "هؤلاء الصغار قد لا تجذبهم فكرة الاستماع إلى محاضرة عن النظافة، لكنّهم حين يحصلون على ملابس رياضية ويلعبون رياضة يحبّونها ويتعامل معهم المدرّب باحترام ومحبّة، فإنّهم سوف يتقبّلون فكرة الاستماع إلى تعليمات حول النظافة أو أضرار التدخين والمخدّرات، لمدّة قصيرة من وقت إلى آخر". يُذكر أنّ هؤلاء الأطفال والمراهقين يشاركون في مباريات محليّة ودولية، منها مباراة "كأس النرويج" التي فازوا بها مرّة واحتلّوا المركز الثاني في مرّة أخرى.