الأسير الخطيب...ساعات في حضن الأم بعد سنوات من الاعتقال

الأسير الخطيب... ساعات في حضن الأم بعد 16 عاماً من الاعتقال

12 يناير 2019
عانق والدته وهي على سرير الموت (العربي الجديد)
+ الخط -
لم يدم اللقاء الأخير الذي جمع الأسير المحرر كامل سعيد الخطيب (36 عاما) من مخيم بلاطة شرق مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، بوالدته سوى يوم واحد، احتضنها على سرير المستشفى في غرفة الإنعاش بمستشفى الاتحاد النسائي التخصصي في مدينة نابلس، كان آخر لقاء بعد 16 عاما من الاعتقال.

رحلت الحاجة خديجة الخطيب "أم إبراهيم" (77 عاما)، بعد يوم واحد فقط من الإفراج عن ابنها من سجون الاحتلال عقب قضائه 16 عاما، ولم تتمكن من احتضان كامل والفرحة بزواجه، لقد كانت على سرير الموت، في غيبوبة استمرت ثلاثة أيام قبل الإفراج عن فلذة كبدها، ورحلت مساء الجمعة، تاركة وراءها مسيرة من الألم والصبر والنضال.

قبل أيام من موعد الإفراج عنه، كانت أم إبراهيم تعد الدقائق والساعات والأيام بشغف للقاء فلذة كبدها، كانت دوما تسأل أحفادها، كم من يوم بقي للإفراج عنه؟ وأصرت حينها على صناعة طوق من الورد لتلبسه إياه حين تحرره، لكنها دخلت في غيبوبة قبل ثلاثة أيام من موعد الإفراج عنه بعد انخفاض ضغطها ونسبة السكر في الدم، وحين تحرره ألبسه إياه أقاربه كوصية منها، بحسب ما يوضح خليفة الخطيب، ابن عم الأسير المحرر كامل، لـ"العربي الجديد".

في طريقه من سجن عوفر غرب رام الله عقب الإفراج عنه مساء أول من أمس الخميس، إلى مدينة نابلس، عقب مماطلات من الاحتلال الإسرائيلي، كان كامل في شوق ولهفة لرؤية والدته، وحينما وصل إلى المستشفى كان بجانبها يقبلها ويحضنها كطفل صغير، لكنها رحلت بعد يوم واحد فقط من الإفراج عنه.

يقول كامل لـ"العربي الجديد": "كنت أتمنى أن تحضنني والدتي وأحدثها وتحدثني، ولكنه قدر الله، حينما وقفت بجانبها وقبلتها وحضنتها، فتحت عينيها ورأتني، وحينما طلبت منها الرضى عني حاولت أن تقبض على يدي".

كانت تمني النفس برؤيته (العربي الجديد)

"أمي، ناضلت طيلة 16 عاما من وجودي في السجن وعانت كثيرا، وكانت ترفع معنوياتي، عاصرت الانتفاضتين الأولى والثانية، كانت أمّاً للأسرى والشهداء والمطاردين أيضا"، يؤكد كامل.

ويضيف  "في آخر تسع سنوات تعرضت لكسر في منطقة الحوض، ورغم عدم قدرتها على المشي، والتنقل على كرسيٍّ متحرك، إلا أنها زارتني في السجن قبل نحو عام ونصف العام مقعدة وحضنتها عدة دقائق بعد انقطاع استمر نحو خمس سنوات حينها، لقد حرمني الاحتلال من أمي 16 عاما، وماطل بالإفراج عني رغم علمه بتدهور حالة والدتي الصحية".

كانت أمّاً لكل الأسرى (العربي الجديد) 

كان كامل يبكي، ويقبل جبين والدته، حين وفاتها ويخاطبها "طلعت غصب عنهم وشفتك"، وقبلها بيوم كان بين يديها وهي في حالة غيبوبة، لبس طوق الورد الذي أعدته له، واحتضنها وقبلها، مخاطبا الحضور أن معنوياته عالية، وأن أمه كانت نعمة في حياته ورفيقة دربه في مراحل مطاردته واعتقاله.

بعد ظهر اليوم السبت، شيعت جماهير حاشدة من الفلسطينيين من أقارب كامل وأصدقائه من مختلف محافظات الضفة الغربية والدته "أم إبراهيم"، وأقيمت لها جنازة عسكرية، فالجميع يعتبرها أمّاً، كما يوضح خليفة الخطيب ابن عم كامل.

مسيرة الألم بدأت في حياة أم إبراهيم قبل نحو 30 عاما بفقدان زوجها، ورغم ذلك واصلت نضالها بتربية أسرتها المكونة من ست بنات وستة ذكور، واستمر ألمها باعتقال كامل، ووفاة ولديها إبراهيم ومصباح قبل عدة سنوات نتيجة أمراضٍ ألمت بهما.

قبل 16 عاما اعتقلت قوات الاحتلال كامل الخطيب وهو أحد عناصر الشرطة البحرية الفلسطينية، بتهمة المقاومة في صفوف كتائب الأقصى الذراع العسكرية لحركة فتح، بعد مطاردة استمرت نحو ثلاث سنوات، وبدأت حكاية أم إبراهيم ومعاناتها بغياب ابنها داخل سجون الاحتلال، كانت تزوره باستمرار، وتواسيه في سجنه، إلى أن أصابها المرض.

لم تكن تفوّت فرصة لدعم الأسرى (العربي الجديد) 

ورغم مرضها، لم تترك أم إبراهيم خيام الاعتصام والمساندة للأسرى في إضراباتهم ،وخاصة إضراب الأسرى عام 2017، وكانت تشارك في تلك الفعاليات بشكل يومي على كرسيها المتحرك، وتأمل أن يخرج الأسرى وتفرح بزواج ابنها، وفق ما أكد عضو اللجنة الوطنية لدعم الأسرى في محافظة نابلس، عماد الدين اشتيوي، لـ"العربي الجديد".

حرمها الاحتلال من زيارة ابنها (العربي الجديد)