غذاء كورونا وجوعه

غذاء كورونا وجوعه

02 ابريل 2020
جوعى... برعاية مودي (ريتيش شوكيا/ Getty)
+ الخط -
في برنامج تلفزيوني يواكب انتشار جائحة كورونا الجديد في لبنان والعالم، لفت طبيب متخصص في الأمراض الجرثومية، في معرض الحديث عن طرق الوقاية اللازمة من الفيروس، إلى نقطة هامة جداً، ترتبط بالغذاء السليم في مثل هذه الظروف، وقال: "فليعذرني الأشخاص الذين يتبعون حمية غذائية لتخفيض الوزن، فالآن ليس وقتها، بل على كلّ شخص أن يتناول غذاء متكاملاً، كي لا يخسر شيئاً من مناعته"، وهي المناعة الأساسية في مواجهة الفيروس.

بالتوازي مع هذا الحديث العلمي المتخصص، تكثر النكات في لبنان حول الحجر المنزلي وإمكانية تسببه بسمنة زائدة لدى كثيرين ممن لا يجدون شيئاً يفعلونه غير تحضير الطعام وتناوله. كذلك، تنتشر يومياً عبر المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، نصائح حول كيفية المحافظة على الوزن في فترة الحجر الصحي.

يستغرب البعض كيف يمكن أن يتناول آخرون الطعام في لحظات قلق كهذه التي يعيشها العالم، ولحظات ترقب للإصابات المتزايدة هنا وهناك، ولحظات تخوف من احتمالات عدة لالتقاط العدوى، تصحبها أساليب وقاية بعضها نافع وغيرها شعبي لكن عديم النفع. وبعيداً عن الاستغراب، تبرز حقيقة أكثر واقعية من فيروس كورونا الجديد نفسه، الذي ما زال يشهد شداً وجذباً حول منشأه وطبيعته وعلاجه ولقاحه. هي حقيقة مبدئية أولية أساسية، وحقيقة تتربع في أسفل هرم "ماسلو" على سبيل المثال. هي ببساطة حقيقة طبيعية فحواها الاغتذاء من أجل البقاء. تتبعها حقيقة اقتصادية حول سبل توفير هذا الغذاء الذي يتيح البقاء. هل يعلم أولئك الذين يقدمون النصائح حول التخمة أنّ هناك من لا يجد قوت يومه أساساً - واليوم أكثر من أيّ وقت مضى؟



ربما لا يعلمون لكنّه الواقع بالنسبة لعشرات الملايين من البشر. و"عشرات الملايين" هذا يحمل كثيراً من التفاؤل حول قدرة الدول على التنمية، وقدرة برامج المنظمات الإنسانية الأممية والدولية على الوصول إلى جوعى العالم. وهو الواقع الذي دفع رئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي، الأحد الماضي، إلى طلب الصفح من فقراء بلاده الذين أجبرهم على حجر صحي لمدة 21 يوماً، وتركهم عرضة للجوع. جوع حقيقي جداً، فهؤلاء حتى حين يعملون لا يأمنهم عملهم من جوع. المشكلة أنّه كحكام كثيرين، لم يربط محاربة الفيروس بخطة طوارئ تكفل تحقيق الأمن الغذائي، وإن في حدّه الأدنى.

وفي مقابل إعلان مودي بعد اعتذاره أنّ "الخطوات التي اتخذت حتى الآن... ستمنح الهند النصر على كورونا" يبدو حديث عامل فقير في رحلة نزوح طويلة بحثاً عن غذاء، أكثر بلاغة وواقعية، إذ قال: "سنموت من المشي ونتضور جوعاً قبل أن يقتلنا كورونا".

دلالات

المساهمون