الأمّية لكم جميعاً

الأمّية لكم جميعاً

17 نوفمبر 2015
"التعليم للجميع" (الأناضول)
+ الخط -

منذ عقود، دعت "اليونيسكو" دول العالم الثالث الى النهوض بمسؤولياتها، وبذل الجهود من أجل تمدرس -بمعنى توفير مقعد دراسي- جميع الأطفال. كان الشعار الذي رفعته المنظمة واضحاً من كلمتين لا أكثر: "التعليم للجميع".

جاء الشعار تعبيراً عن التدخل الدولي من أجل توفير المدرسة للأطفال في الدول المنكوبة بالأمية. ومن أجل هذه الغاية نظمت العديد من المؤتمرات التي ناقشت تقارير صادرة عن الدول المعنية.

كان خبراء المنظمة يناقشون ما تتضمنه تقارير هذه الدول، ويقيّمون المعطيات والجهود المبذولة من جانب وزارات التربية والتعليم. بعد ذلك تصدر عن تلك المؤتمرات توصيات، وتتم متابعتها لتبين مدى جدية هذه الدول في الالتزام بما سبق وتعهدت به. وذلك بهدف التمييز ما بين الخطب التي تلقى على المنابر للاستهلاك الإعلامي والوقائع. وتبعا لتلك المتابعة والرسائل المتلاحقة والجهود التي يبذلها مؤمنون بحق كل الأطفال في الوصول الى التعليم وتكافؤ الفرص، يمكن القول إنّ العديد من الدول بذلت جهوداً جدية ثمنتها المنظمة، مؤكدة على ضرورة بذل المزيد، من أجل الوصول الى أمية - صفر في المجتمعات المعنية.

ومما لا شك فيه أنّ دول العالم المتقدم، ومنذ أكثر من قرن، بات حديث الأمية لديها نزيل كتب التاريخ والتربية، لكنّ الدول الفقيرة ظلت هي "الملاذ الآمن" لتوطّن معدلات عالية من الأميين بين أبنائها إناثاً وذكوراً.

في التقارير التي تعدها الدول المعنية تبدو بوضوح فروق شاسعة بين نسبة الأميين الذكور والإناث، وبين الفقراء وميسوري الحال، بين أبناء المدن والأرياف، اللهم باستثناء أحياء التنك والصفيح في المدن حيث تعشش الأمية مع الفقر والتخلف ونقص الخدمات الرسمية وغيرها.

كانت الأدبيات التربوية تنطلق من التشديد الواضح على ضرورة المساواة بين الأطفال بصرف النظر عن جنسهم وظروف ذويهم في حق التعليم. وجرى تقديم مطالعات نافذة مفادها أن لا إمكانية للنهوض بالمجتمعات الفقيرة والمهمشة، من دون أن تنال الفتاة والمرأة نصيبها من التعليم باعتبارها نصف المجتمع. وبالتأكيد هناك استحالة للتقدم ما دام نصف المجتمع معطلاً عن القيام بدوره.

وبصرف النظر عن مدى النجاح والفشل، يمكن القول إنّ تحسناً معيناً سُجّل، بدليل انتشار المدارس الحكومية في معظم الأرياف والدساكر الصغيرة، وارتفاع النسب المتوسطة للدخول الى المدارس. وهنا لا نناقش في طبيعة هذا التعليم، وكم من التلاميذ يستطيعون بعد نيلهم قسطاً معيناً منه متابعة المراحل التعليمية الأعلى وصولاً الى الدراسة الجامعية.

*أستاذ في كلية التربية – الجامعة اللبنانية

اقرأ أيضاً: مصارع الأطفال في العالم العربي

المساهمون