العراق.. "المكبسل" شباب غارق في الأزمات

العراق.. "المكبسل" شباب غارق في الأزمات

11 نوفمبر 2014
الأزمات في العراق لا تنتهي (Getty)
+ الخط -
"مكبسل"، صفةٌ تطلق على الذي يتعاطى المخدرات في العراق. وخلال السنوات الثلاث الماضية، ازدادت نسبة الإدمان بين العراقيين، بحسب مصادر طبية محلية وعالمية. واعترفت وزارة الصحة بوجود آلاف المدمنين الذين يتلقون العلاج في المستشفيات. وفي وقت تعمل وزارة الداخلية على الكشف عن مصادر التمويل والتهريب، يؤكد متخصصون في علم الاجتماع أن الظروف التي تمر بها البلاد، بخاصة بعد العام 2003، تعدّ إحدى الأسباب الرئيسية للّجوء إلى المخدرات.

في السياق، يقول بلال ن. (23 عاماً)، إنه حين كان في الثامنة عشرة من عمره، كان يتناول مع عدد من أصدقائه أدوية مهدئة، يحصلون عليها من إحدى الصيدليات الموجودة في منطقة سكنهم. يتابع أنه "بعد تخرجه من كلية العلوم، حصل على وظيفة في إحدى وزارات الدولة. إلا أن ذلك لم يمنعه من مواصلة تناول تلك الحبوب، إضافة إلى أنواع مختلفة من المخدرات"، لأنها كانت تشعره بالسعادة، حسب قوله.

يُضيف بلال: "أعرف الكثير من الشباب الذين ينتمون إلى أسر ميسورة، إلا أنهم يتعاطون المخدرات بحثاً عن السعادة". ويشرح أنه "يمكن الحصول على المخدرات من منطقة البتاوين، وسط العاصمة، على سبيل المثال. بمجرد ركن سيارتك في إحدى أزقتها، يسألك شخص: تريد تريّح (أتريد أن ترتاح)، لتسأل بعدها عن أنواع المخدرات وأسعارها". ويشير إلى أنه في أحد الأيام، كان هناك شح في المخدرات، فاضطر إلى شمّ مواد مخدرة بدائية كثيرة السمّية، مثل البنزين والتينر وغيرهما من المواد الكيميائية، حاله حال غير القادرين على شراء المخدرات.
من جهته، يقول عميد في وزارة الداخلية، طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إننا "نخشى توسّع رقعة عمل المهربين، واستخدام الأراضي العراقية جسراً لتصدير المخدرات إلى مختلف دول العالم". ويقول إن "الوزارة، وتحديداً مديرية مكافحة المخدرات، لديها عمل كبير. إذ تُطارد المهربين والموزعين. وتوقف العصابات بين الحين والآخر"، مشيراً إلى "زيادة أعداد المهربين والمدمنين خلال السنوات الثلاث الماضية".

يضيف العميد أن "تجارة المخدرات هي إرهاب، لأنها تضرّ بشبابنا". ويلفت إلى أن "الأجهزة المعنية في الوزارة لديها معلومات شبة مؤكدة أن العراق يعتبر ممراً رئيسياً لعبور المخدرات من أفغانستان وباكستان وإيران إلى دول الخليج، أو من تركيا إلى محافظة السليمانية في الشمال، وبعدها إلى محافظتي ذي قار أو ميسان في الجنوب ثم إلى دول الخليج. ويتم ذلك بواسطة عصابات منظمة تقودها شخصيات كبيرة تؤمّن عبور الحدود". ويوضح أن "ذلك يُشكّل تحدّياً للسلطات العراقية التي تواجه ظروفاً أمنية صعبة".
يتابع العميد أن "أكثر المواد المخدرة المنتشرة في البلاد هي الأفيون ومشتقاته، والحشيش، وعقاقير الهلوسة، والكوكايين، والمنشطات، وغيرها من الحبوب المهدئة".

وأطلقت وزارة الصحة برنامجاً علاجياً للمدمنين، بالتعاون مع منظمات محلية وعالمية. ويقول مستشار الوزارة للصحة النفسية، علي بلاسم القريشي، لـ"العربي الجديد"، إن "الوزارة تعي خطورة انتشار المخدرات بين الشباب والمراهقين. لذلك، نسعى من خلال البرامج الصحية هذه إلى معالجتهم بشكل سريع وسري". ويلفت إلى أنه "حتى النصف الأول من العام الحالي، سجلت الوزارة 6 آلاف مدمن يتم علاجهم في مراكز ومستشفيات الوزارة، بينهم نساء ومراهقين". يضيف أن "الرقم خطير بخاصة لناحية حجم المسؤولية التي تقع على عاتق الوزارة".

من جهته، يعزو المتخصّص في علم الاجتماع، منير قاسم، "زيادة ظاهرة تعاطي المخدرات إلى الظروف الأمنية والاقتصادية التي يمر بها العراق". ويوضح، لـ"العربي الجديد"، أنه "قبل العام 2003، كان الإقبال على المخدرات قليل جداً بحكم البيئة العشائرية السائدة في المجتمع، والتي ترفض تصرفات كهذه، فضلاً عن إحكام سيطرة الأجهزة الأمنية على الحدود".
يضيف: "بعد 2003، ساهم الفلتان الأمني وعدم مراقبة الحدود والبطالة في لجوء الشباب إلى المخدرات". وفي ما يتعلق بانتشارها خلال السنوات الماضية، يوضح أن السبب مرتبط "بزيادة التهريب. فللمهربين أصدقاء وأقارب يساهمون بدورهم في انتشارها".
ويرى البعض أن "إلغاء عقوبة الإعدام بحق تجار المخدرات، قد أدى بشكل أو بآخر إلى زيادة انتشار المخدرات".

المساهمون