عراقيون منسيون يسكنون مكبات النفايات

عراقيون منسيون يسكنون مكبات النفايات

25 نوفمبر 2015
يفرزون النفايات ويبيعونها (فرانس برس/ GETTY)
+ الخط -



تعيش عشرات الأسر العراقية الفقيرة في مكبات النفايات، بعيداً عن كل ما يمت للحضارة بصِلة، في بلد لم يجدوا على أرضه ما يسد رمق أطفالهم ويستر أجسادهم الصغيرة. وعلى وقع خطاهم المتسارعة لجمع النفايات التي يبيعونها ويرتزقون منها تختمر تحت أرجلهم كنوز من النفط والغاز لا حصة لهم فيها.

صبر مرضي (47 عاماً) يعيش مع أسرته المكونة من ستة أفراد في أحد مكبات النفايات جنوب العراق، لا يملك راتباً أو عملاً، ويرتزق وأطفاله من جمع العلب المعدنية وبيعها للمصانع الصغيرة لإعادة تدويرها.

اقرأ أيضاً: لبنان: "أبغض الحلال" ترحيل النفايات

يقول مرضي لـ"العربي الجديد" إنه لا يملك شبراً واحداً في العراق، "كنت أسكن بالإيجار ولم أعد أستطيع تحمّل تكاليفه، وليس لدي راتب شهري، فوجدت نفسي أمام الهلاك أو السكن في مكبات النفايات، مثل عشرات آخرين. نعيش من جمع العلب المعدنية والأجهزة الكهربائية التالفة وقناني المياه الفارغة وبقايا الأسلاك الكهرباء النحاسية وبيعها".

ويضيف "نحن نعيش بلا ماء ولا كهرباء ولا سكن يصلح للبشر، بيوتنا نصنعها من الصفيح، نجمع علب الزيت المعدنية ونقوم بتقطيعها ورصفها لتصبح غرفة صغيرة. لكنها تتحوّل في الصيف إلى ما يشبه الفرن وفي الشتاء تشبه ثلاجات التبريد، ولكن ليس لنا خيار آخر".

ولا يختلف حال أم عودة (52 عاماً)، والتي تعيل أطفالها الأربعة بعد وفاة زوجها، فهي تغدو منذ ساعات الصباح الأولى لتستقبل سيارات النفايات، مع عشرات غيرها من جيرانها القاطنين في نفس المكب.

وتوضح أم عودة "نحن نسكن مكبات النفايات ونعيش منها في ذات الوقت. أقوم مع أولادي الصغار بجمع أكوام النفايات أولاً، ثم نقوم بفرزها، فنعزل مثلاً العلب المعدنية وبقايا الأجهزة الكهربائية كما نعزل المواد البلاستيكية كقناني الماء الصغيرة والأواني المنزلية التالفة ونبيعها لأصحاب معامل إعادة التدوير".

وتابعت أم عودة "نحن نأكل ونلبس من النفايات أيضاً، فكثيراً ما نجد ملابس قديمة وبقايا طعام يجمعها الأطفال ويفرزونها وينظفونها لنأكلها كبقايا الخبز والكعك وزيت الطعام. وفي الشتاء نجمع من النفايات بقايا الخشب للتدفئة فلا قدرة لنا على شراء أي شيء من المدن فنحن معزولون تماماً عن العالم".

اقرأ أيضاً: "فندورا" تحقّق حلم "صُنع في السودان"

ويشعر الداخل إلى تلك الأماكن بالقشعريرة وهو يرى وجوه الأطفال وملابسهم تكسوها بقايا النفايات، فيما يتزاحمون على مركبات نقل النفايات القادمة من المدن وكأنهم يستقبلون كنزاً جديداً كل مرة، لعلهم يحظون بما ينفعهم من بين أكوام النفايات المتراكمة.

كذلك يقول أبو علي الذي يعمل سائقاً لإحدى مركبات نقل النفايات الحكومية: "عملنا يبدأ منذ الصباح الباكر في جمع النفايات من الشوارع والأزقة والساحات العامة لنتوجه بعدها إلى مكبات النفايات في أطراف المدن، وحال دخولنا إليها نجد حشوداً من الأطفال والنساء والشباب بانتظارنا في مشهد مؤلم جداً يذكرنا بالعصور البدائية للإنسان القديم".

ويشير أبو علي إلى أنَّ "جامعي النفايات نسميهم "النبّاشة"، وهم من الأطفال والنساء والشباب وعائلات بأكملها تسكن في تلك الأماكن بسبب فقرها الشديد جداً، وهم يعتبرون هذه النفايات بمثابة كنز بالنسبة لهم يبيعون منه ويأكلون ويلبسون".

وأكدت إحصاءات رسمية أنَّ نسبة الفقر ارتفعت في العراق خلال عام 2015 إلى 38 في المائة بسبب النزوح والتهجير والحروب الداخلية المستمرة، بعد أن كانت النسبة 19 في المائة في 2013 و22 في المائة في 2014، فيما لا تمتلك الحكومة العراقية خططاً واضحة لمعالجة الفقر الشديد بحسب المراقبين.

اقرأ أيضاً: مافيا النفايات في الأردن تتحدّى الجميع