وفيات داخل السجون العراقية بسبب الحر

وفيات داخل السجون العراقية بسبب الحر

20 يونيو 2019
في أحد سجون العراق (سافين حميد/ فرانس برس)
+ الخط -

للشهر الثاني على التوالي، تتصاعد أزمة المعتقلين داخل السجون العراقية وكذلك مراكز الاحتجاز، والتي تجاوزت طاقتها الاستيعابية بنحو ثلاثة أضعاف، بحسب مسؤولين عراقيين أكدوا تسجيل حالات وفاة وإغماء وأمراض خطيرة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة واكتظاظ السجون، عدا عن التعذيب وسوء التغذية.

وعلى الرغم من إعلان وزارة العدل العراقية الأسبوع الماضي إقرار خطة لتوسيع السجون في البلاد وزيادة طاقتها الاستيعابية، إلا أن حقوقيين ومسؤولين عراقيين وأهالي المعتقلين أكدوا سوء حالة السجون بسبب ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع التيار الكهربائي وسوء نوعية الطعام المقدم إلى السجناء، عدا عن انتشار الرشاوى بين موظفي السجون بشكل غير مسبوق. ويدفع السجناء مبالغ مالية لقاء حصولهم على خدمات يجب أن تكون ضمن البديهيات كالمياه الباردة أو الفراش، إضافة إلى مراعاة وضع المعتقلين في الحصول على الأدوية اللازمة وعدم ضربهم.

أوّل من أمس، كشف مسؤول عراقي بارز في بغداد عن تقارير تؤكد فظاعة الأوضاع داخل السجون العراقية، خصوصاً الحوت والكاظمية والتاجي والحلة والرمادي، بعد تسجيل حالات وفاة نتيجة الفشل الكلوي والأزمات القلبية والإجهاد والإهمال الطبي أو الضرب، إضافة إلى انعدام بعض أنواع الأدوية وسوء التغذية.

وبحسب المسؤول ذاته، فإن انقطاع التيار الكهربائي ووجود عدد كبير من المساجين في الزنازين، من دون توفير مياه باردة أو تهوئة مناسبة يفاقمان الكارثة في السجون العراقية، موضحاً أن حملات الاعتقال الأخيرة زادت عدد المساجين. من جهة أخرى، فإن القضاء بطيء جداً في حسم دعاوى الموقوفين في مركز الاحتجاز. وكانت لجان برلمانية قد أصدرت بيانات متفرقة في فترة سابقة من هذا العام، أكدت فيها رفض إدارات بعض السجون إدخال أعضاء في البرلمان العراقي إليها للكشف عن واقع السجون وحقيقة ما يجري فيها، وأن إدارة السجن اشترطت عليهم إبلاغهم بشكل مسبق لتحديد موعد.




من جهتها، تحاول جمعيات حقوقية وإنسانية معرفة الوضع القانوني والإنساني داخل السجون العراقية من دون جدوى، نتيجة رفض السلطات دخول أي منها للكشف عن أوضاع المعتقلين وما يتعرضون له من مخاطر. ويقول رئيس جمعية "سلم" الإنسانية هيثم الجواري، إن "محاولات متعددة قمنا بها لتفقد وضع المساجين في عدد من السجون. لكن في كل مرة، كنا نواجه رفضاً من قبل السلطات التي لا تسمح لنا بالدخول، ما يؤشر على خطورة ما يتعرض له المعتقلون من أوضاع مأساوية في هذا الحر الشديد". ويكشف لـ "العربي الجديد" عن وقوع وفيات وعشرات حالات الإغماء، أخيراً، داخل السجون بسبب الحر الشديد نتيجة تكدّس المعتقلين في قاعات غير مكيفة. يتابع: "كما نعلم، موجة حر شديدة جداً تجتاح العراق، وقد وصلت درجات الحرارة فيها إلى نصف درجة الغليان. فلنتصور حجم الكارثة في قاعة اعتقال تتسع مثلاً لخمسين شخصاً، يوضع فيها 200. هذا خطر على حياة المعتقلين. وتصلنا معلومات من مصادرنا عن وضع مأساوي يقاسيه الموقوفون".

إلى ذلك، يطالب حقوقيون الحكومة العراقية بفتح السجون أمام المنظمات الحقوقية والإنسانية للكشف عن وضع المعتقلين في داخلها، والاطلاع على ما يعيشونه والذي قد يشكل خطراً على حياتهم. ويوضح المحامي ياسين الجبوري لـ "العربي الجديد": "من حقنا تفقد السجناء بشكل دوري. لكن المشكلة تكمن في رفض السلطات ذلك على الرغم مما يصلنا من معلومات مؤكدة عن خطورة الوضع داخل عشرات السجون العراقية". يتابع الجبوري: "نحن على تواصل مستمر مع المنظمات الدولية بهذا الخصوص، ورفعنا العديد من الملفات التي تتضمن انتهاكات إنسانية خطيرة ضد المعتقلين. ونطالب الحكومة العراقية بفتح السجون أمامنا للاطلاع على وضع السجناء".




وكانت مفوضية حقوق الإنسان في العراق قد كشفت منتصف مايو/ أيار الماضي عن حالات وصفتها بالخطيرة داخل السجون العراقية، في تقرير رصدت فيه أمراضاً وحالات خطيرة بسبب اكتظاظ السجون. ويبين مراقبون أن هناك نحو عشرين سجناً صالحاً فقط بعضها يتسع لألفي سجين، لكن تم حشر أربعة آلاف سجين فيها، فضلاً عن عشرات السجون المنتشرة في مختلف مدن البلاد والتي تسيطر عليها مليشيات وأحزاب بحسبهم. ولا توجد إحصائية رسمية ثابتة عن العدد الكلي للمعتقلين في كافة السجون العراقية. لكنّ نواباً كشفوا في تصريحات سابقة عن أن الرقم يقدر بعشرات الآلاف، ويرجح مراقبون أنه ربما تضاعف خلال عامي 2018 و2019.

دلالات