نبيل حسن.. لبنان في طريقه إلى التغيير عام 2021

نبيل حسن.. لبنان في طريقه إلى التغيير عام 2021

23 يوليو 2016
لا يجب إطلاق الأحكام على الناس (حسين بيضون)
+ الخط -
في بلديّة منطقة بتلون اللبنانية، قضاء الشوف، شاب مستقلّ. في ما مضى، لم يكن المستقلّ ليشكّل خطراً على "المحزّب". كان ذلك قبل الإحباط الذي أصاب لبنانيين كثر بسبب أداء السلطة والأحزاب السياسيّة. هذا الشاب هو نبيل حسن (33 عاماً)، الذي لم يكن يربطه الكثير في منطقته، وانتقل منذ سنوات طويلة إلى الجغرافيا الأكبر بتنوّعها، بيروت.

حسن إذاً مستقلّ يقطن في بيروت. خلال الانتخابات البلدية التي جرت في مايو/أيار الماضي في لبنان، لم يفكّر في الترشّح. في ذلك الوقت، كان ابن الشوف منهمكاً في العمل لمصلحة لائحة "بيروت مدينتي" (كانت تنافس في بيروت). أقنعه رئيس البلدية مروان قيس بالترشح، فترشّح ونجح. في بتلون ذات الغالبية الاشتراكية (الحزب التقدمي الاشتراكي) لم يكن هناك معركة حقيقية. وإن لم يكن فوزه مفاجأة أو خرقاً، إلا أنه إضافة لفكر مختلف راكم تجربة جعلته قادراً على أن يكون قريباً من الجميع، لمصلحة الناس.

كان في الرابعة عشرة من عمره حين قصد وزارة الداخلية في بيروت. في ذلك الوقت، سأله الشرطي: "ماذا تفعل هنا؟". أجابه: "أريد تأسيس جمعيّة". سمح له بالدخول، إلى أن طرح عليه أحد الموظّفين السؤال نفسه، فكرّر الجواب ذاته. كم عمرك؟ 14 عاماً. بعدما صرّح عن عمره، عرف أن عليه أن يغادر. ومن وقتها، لم يكن راضياً عن البلد.

قبل ذلك، كان قد قرّر وصديقه في المدرسة تأسيس جمعية بيئية، حتى أنهما رسما شعارها
وكان عبارة عن شجرة. ففي المدرسة، تعرّف إلى جمعية "غرين بيس"، وأخبرَ أحد أعضائها أنه يرغب في تأسيس جمعية بيئية. فسأله: "لماذا لا تتطوّع معنا؟". كانت المرة الأولى التي يعرف فيها أن هناك جمعيات في لبنان.

ثمّ كان عليه أن يبحث عن هويّته السياسية. ليس الأمر واجباً، بل مرحلة طبيعية كان عليه أن يعيشها ويجتازها. في الجامعة، كان ومجموعة من الشباب "الإصلاحيّين"، كما يصفهم، جزءاً من منظّمة الشباب التقدمي الاشتراكي، وإن كان ناقماً على الحزب الاشتراكي في وقت سابق. لم يكن الأمر مستغرباً. بالنسبة للبعض، هذا مكان ابن بتلون الطبيعي. أحدٌ لم يكن يعرف ماذا يدور في داخله، وقد بدأ يتعرّف إلى حركات مختلفة، منها حركة حقوق الناس، وحركة الشعب، وغيرهما. بالإضافة إلى العمل السياسي، نشط في المنتدى البيئي الاجتماعي، الذي يضم عدداً من الأندية البيئية في الجامعات.

في حركة حقوق الناس، تعرّف أكثر إلى المبادئ العلمانية واللاعنف. وفي الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات، شارك في حملات عدة لخفض سن الاقتراع وإلغاء عقوبة الإعدام وملف النفايات وغيره. من خلال هذه التجارب، اكتشف تناقضاً بين مبادئ الحزب الاشتراكي والتطبيق على الأرض والمساومات. في النشاطات الحزبية، كان كثيرون يردّدون شعارات لا تشبهه، "وليد بيك (رئيس الحزب) بعد الله". وجد نفسه عاجزاً عن التغيير داخل حزبه، هو الذي يحلم بتغيير بلد. فترك الحزب.

في الجامعة درس الصيدلة، إلا أنه لم يقتنع يوماً أن تكون حياته عبارة عن "بيع أدوية للناس، والمفاصلة على سعر الحفاضات"، على ما يقول. أكمل دراسات عليا في السياسات الصحية، وعمل في تطوير المشاريع وظل ينشط في مختلف الحملات الساعية إلى التغيير في البلاد. وجاء اليوم الذي طرح ومجموعة من الشباب أسئلة من قبيل: "ما الذي ما زلنا نفعله في المجتمع المدني"؟ بعد خبرة سنوات، كان قد عرف سقف الجمعيات. فكانت مؤسسة "بيوند" للإصلاح والتنمية، التي تعمل على تدريب مؤسسات القطاع العام حول مختلف القضايا. يلفت إلى أن "الشعار تحوّل إلى تقديم التغيير وليس طلبه. ويجب تشكيل كوادر معنا في الداخل".

سنوات طويله مرّت ولم ييأس. يؤمن أن التغيير بات أقرب من أي وقت مضى. سيجني لبنان ما راكمه هو وغيره. يرى أن الحراك المدني الأخير الذي شهدته البلاد، ومنه حملة "طلعت ريحتكم"، فشلت "بسبب عدم وجود حزب سياسي بديل. وهذا ما تحتاجه البلاد في الوقت الراهن"، مشيراً إلى أن الناس تريد "بديلاً جدياً". هذا دوره وغيره في البلديات. بتلون تعاني من مشاكل كثيرة، منها شحّ في المياه والصرف الصحي وغيرها. لا تبدو المشكلة في حلحلة هذه المشاكل، بل في تغيير الباب الذي اعتادت البلديات طرقه، أي الأحزاب. كذلك، أنشأ صفحة على "فيسبوك" تتضمن محاضر الاجتماعات وغيرها، تكريساً لمبدأ الشفافية وإشراك الناس في صنع السياسات المحلية، خصوصاً أن البلديات قادرة على تقديم نموذج مختلف طالما ابتعدت عن الزبائنية السياسية.

برأيه، لا يجب إطلاق الأحكام على الناس، بل التقرّب منهم وإعطائهم نماذج بديلة. يقول إن الانتخابات النيابية في عام 2021 ستكون مشابهة للانتخابات البلدية في عام 2016، لناحية الخروقات وزيادة دور المستقلين. وإلى حين الوصول إلى هذه اللحظة، سيظل يعمل، ويدعو الناشطين "المحبطين" إلى العودة إلى أمكنتهم.

دلالات