هكذا يعيش السوريون الهدنة

هكذا يعيش السوريون الهدنة

16 سبتمبر 2016
هل يكفي الأمل؟ (Getty)
+ الخط -

يخشى السوريون اليوم من تنفّس الصعداء والأمل، بعد دخول الهدنة الأميركية - الروسية حيّز التنفيذ. هؤلاء يتخوّفون من خرق قد يقع في أيّة لحظة يعيدهم إلى يوميات القصف والقتل.

"تنفّس الناس الصعداء، وهم يشعرون براحة أكبر بعد بدء الهدنة". بهذه الكلمات لخّص محافظ مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، غسان حمو، الوضع في مدينة إدلب بعد تنفيذ الاتفاق الأميركي - الروسي الذي قال بهدنة مدّتها يومان اثنان، مُدّدت ليومَين آخرَين في كل المناطق السورية. ويؤكّد لـ "العربي الجديد" أنّ "الناس في حاجة إلى راحة"، وسط الحزن الذي عمّ المدينة بعد مجزرة يوم الجمعة الفائت، والتي راح ضحيتها نحو 96 مدنياً.

الإثنين الماضي في 12 سبتمبر/ أيلول الجاري، كانت بداية تنفيذ الهدنة المؤقتة، بعد اجتماع وزيرَي الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف، وسط ردود فعل اختلفت لدى المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة. ثمّة من رحّب بها وثمّة من هو غير مقتنع بها. وهذه الهدنة الأميركية - الروسية ليست الأولى من نوعها، بل سبقتها هدنة مشابهة في 27 فبراير/ شباط الماضي. لكنّ فشل تلك الهدنة أثّر سلبياً في نفوس الناس الذين عبّروا عن تخوّفهم من خرق الهدنة الحالية.

محمد سمعان سائق في ريف حلب الجنوبي، يقول إنّ "ما يعكّر صفو الهدنة هو تخوّف المواطنين الدائم من خرقها والذي قد يؤدّي إلى مجزرة في أية لحظة". يضيف لـ "العربي الجديد" أنّ "الشعور بالأمان في فترة الهدنة يجعل من أي خرق لها كارثة حقيقية، لأنّ من شأن ذلك أن يتسبب في عدد كبير من الضحايا، نتيجة عدم أخذ معظم المواطنين الحيطة والحذر كما في الأيام العادية". ويشير إلى أنّ "حركة التنقل بين القرى والبلدات في ريف حلب الجنوبي ارتفعت كثيراً مع دخول الهدنة حيّز التنفيذ، خصوصاً أنّها تزامنت مع عيد الأضحى وموسم العام الدراسي الجديد".

من جهته، يقول المحامي مصطفى عبد الله لـ "العربي الجديد"، إنّ "الوضع في حلب غير مستقرّ. ثمّة خروقات سواء بقصف الطيران بالرشاشات الثقيلة أو بالقصف المدفعي. وعلى الرغم من أنّ عدد القتلى أقلّ بكثير مما كان عليه، إلا أنّ الشارع لا يثق في النظام السوري وروسيا خصوصاً بعد مجزرة إدلب الأخيرة". ويضيف عبد الله، الذي يترأس المكتب التنفيذي لهيئة محامي حلب الأحرار، أنّ "وضع الناس في مدينة حلب أفضل قليلاً من ذي قبل. لكن لا فائدة من الهدنة إذا لم يُفتح الطريق. فلا بضائع ولا سلع متوفّرة في الأسواق. الناس تتضوّر جوعاً وفي حاجة إلى الغذاء". لكنّه يشير إلى أنّ "الهدنة سوف تشجّع الناس على الرغم من كلّ مخاوفهم، على إرسال أبنائهم إلى المدارس. هذا الأمر مرتبط بمدى التقدّم في التطبيق الفعلي للهدنة".




أمّا الناشط ماجد عبد النور من حلب، فهو متفائل ويشير إلى "قوافل مساعدات إنسانية عند معبر باب الهوى، من المتوقّع أن تدخل إلى حلب بين اليوم (أمس) الخميس والغد (اليوم) الجمعة". ويعبّر لـ "العربي الجديد" عن "ارتياح نفسي تجاه الهدنة التي حملت التزاماً نسبياً من قبل النظام"، فيما "يبقى ثمّة تخوّف. ثقتنا في النظام وروسيا معدومة، والناس يتخوّفون من اشتعال حرب جديدة في المدينة". ويلفت إلى أنّ "النظام لم يلتزم كلياً بالهدنة، إذ ثمّة خروقات وإنّما بسيطة بالمقارنة مع ما كان من براميل متفجرة وصواريخ تنصبّ على مدينة حلب".

ويتابع عبد النور أنّ "الحركة التجارية في أسواق حلب المحاصرة لم تتغيّر كثيراً، نظراً لانعدام السلع فيها". وتوقّع "عودة حركة المدينة التجارية، في حال فتح الطريق. وسوف يرسل الناس أولادهم إلى المدارس، إذ إنّ الكوادر التعليمية موجودة والمناهج الدراسية موضوعة، ولا يلزم الناس إلا وقف القصف للتأمين على أبنائهم وسلامتهم".

جميلة المحمد من مدينة بنش التابعة لمحافظة إدلب، تبدي تخوّفها على أبنائها الثلاثة في حال خرق النظام الهدنة. وتقول لـ "العربي الجديد" إنّ الهدنة هي "فرصة لإرسال الأطفال إلى المدرسة، إلا أنّ الخوف دائم من خروقات محتملة، بناء على خبرتنا. فنحن نعيش حالة من القلق الدائم ونتوقّع الأسوأ في أية لحظة بسبب خرق الهدنة". وتشير إلى أنّ ابنها البكر أسعد "يستعدّ للذهاب إلى المدرسة، وأنا أسلّم أمري لله وأتمنّى على كلّ الجهات المعنية بتطبيق الهدنة أن تمنح الناس فرصة من الراحة ولو لأيام. فسكّان المناطق الساخنة في حاجة ماسة إلى التقاط أنفاسهم".

في السياق نفسه، يعبّر محافظ إدلب غسان حمو عن تفاؤله بالهدنة. وعلى الرغم من بضعة خروقات، إلا أنّه يفضّل القول إنّ "الحال جيّدة نوعاً ما". ويؤكد لـ "العربي الجديد" على أنّ "المدارس لم تغلق وسوف تبدأ عملها مباشرة في موعدها المحدد، يوم الأحد المقبل في 25 سبتمبر/ أيلول الجاري"، مشيراً إلى أنّ "الناس بعد مجزرة إدلب عادوا ليتأقلموا مع الجوّ فيما تعود حركة الأسواق طبيعية. الشعب السوري اعتاد على تحدي كلّ الظروف".

إلى ذلك، يقول ربيع تامر من مدينة إدلب إنّ "الوضع في المدينة هادئ وثمّة التزام بالهدنة. لكنّ المدنيين متخوفون من استهدافهم بدعوى ضرب التنظيمات المتطرّفة". ويشير لـ "العربي الجديد" إلى أنّ "وضع المدينة والسوق طبيعي جداً، والناس يرفعون الأنقاض"، مضيفاً أنّه "لا علاقة للهدنة بإرسال الناس أبناءهم إلى المدارس أم لا. فهم سوف يفعلون مع بداية العام الدراسي الجديد".