عن ألف قتيل في لبنان

عن ألف قتيل في لبنان

25 ابريل 2016
لم ينجُ سائقها أيضاً (جوزف عيد/فرانس برس)
+ الخط -

تستيقظ في الصباح. تتصفّح الأخبار سريعاً. قتيل، اثنان، ثلاثة، خمسة أو أكثر... هو المعدّل شبه اليومي لحوادث السير في لبنان، في بلد "يتباهى" بزحمة سيره الخانقة التي تمتد أحياناً بطول أكثر من 30 كيلومتراً في شرق بيروت وغربها. يسقط القتلى سواء في حوادث صدم للمشاة، أو بسبب السرعة، أو بسبب تسابق حافلات نقل الركاب، أو بسبب خلاف على أفضلية المرور. الرصاص يتكلّم في الحالة الأخيرة. في لبنان، تخرج من منزلك وقد لا تعود إليه.

تمرّ الأخبار اليومية السريعة أيضاً، في مواقع تابعة لقوى الأمن الداخلي اللبناني، لتُعلمنا بالتفاصيل عن المخالفات المرورية التي حدثت في اليوم السابق. أرقام قوى الأمن الداخلي "حرزانة" أيضاً. يصل عدد المخالفات اليومية أحياناً، إلى أكثر من 200 أو 300 مخالفة وتُسطّر المحاضر في حقّ مرتكبيها.

إذاً، العدد المرتفع لقتلى ضحايا السير في بلد صغير كلبنان بموازاة "الداتا" النموذجية لقوى الأمن، يكشفان التعايش المتناقض بين الواقع وعكسه. الحلقة المفرغة تبدأ منذ لحظة تسطير المخالفة التي يُفترض أن تكون "هيبتها" قد تعزّزت في السنوات الأخيرة، بفعل "قانون السير" الجديد. يشتهر هذا القانون براداراته العصرية على الطرقات وغراماته الباهظة. جميل. كذلك، كان من المفترض أن يُسهم القانون في خفض نسبة ضحايا حوادث السير، لكنه لم يفعل.

يبدأ كل شيء من قانون السير بالذات، الذي لم يلحظ تحويل مبالغ الغرامات كرواتب للقطع الأمنية التابعة لقوى الأمن الداخلي، إذ إنّ تلك القطع تتلقّى رواتبها الشهرية أصلاً من وزارة الداخلية، التي تُخصصها الدولة اللبنانية بموجب الموازنة السنوية. كذلك، من السهل في لبنان أيضاً أن يوقفك رجل أمن، فترشيه لكي يغضّ النظر عن المخالفة أو تتصل "بأحدهم" لإلغاء المخالفة برمّتها.

تجدر الإشارة إلى أنه ووفقاً لبيانات قوى الأمن اليومية وقياساً على الحدّ الأدنى من قيمة الغرامات التي يُفترض أن تُجبى يومياً من المخالفات منذ الإعلان عن قانون السير الجديد في عام 2012 مع تعديلاته، من المتوقّع أن تكون المبالغ المالية بعد أربع سنوات كافية لإنشاء مئات الجسور الحديدية للمشاة أو عشرات الجسور الإسمنتية. كذلك، فإنّ الإنارة الليلية لن تغيب عن الطرقات، فضلاً عن إمكانيّة البدء في العام الحالي بوضع خطة مواصلات شاملة، تشمل سيارات وحافلات النقل العام، في بيروت وخارجها.

لكن، كيف تغطي الرشاوى والهدر والفساد؟ سؤال يُطرح في حين يظهر أحدهم ويبدأ بالحديث عن بيروقراطية العلاقة بين الوزارات والبلديات وتشابكها كي يُحافظ على الهدر اليومي، بينما يسقط نحو ألف قتيل سنوياً على طرقات لبنان.


المساهمون