مجتمع مُهَان ومُدَان

مجتمع مُهَان ومُدَان

26 سبتمبر 2014
من أحداث محمد محمود 2012 (Carsten Koall- GETTY)
+ الخط -


يكفي أن تهتم بأخبار مصر لتسمع يومياً عشرات الحكايات المأساوية، الضحايا عادة أطفال ونساء، لكن المجتمع كله مدان أو مهان، لا يتأثر أو يتجاهل أو يتعامى، رغم أن كل قصة منها كفيلة بأن تحدث ثورة وتُسقط أنظمة.

****

ملك في التاسعة وشقيقتها بسملة في السابعة، توفي والدهما محمد عابدين خلال وقوفه أمام سجن القناطر شمال القاهرة، منتظراً زيارة أمهما المعتقلة رشا منير، التي حكم عليها بالسجن المؤبد.

طفلتان بات مصيرهما غامضاً بوفاة الأب وسجن الأم، ثم قررت مدرستهما الابتدائية أنهما لن يستكملا دراستهما، وطردتهما دون سند قانوني أو إداري.

تم لاحقاً إلحاق التلميذتين بمدرسة أخرى في مدينة الإسكندرية، قبل أن تعرف أمهما خبر طردهما من مدرستهما الأولى، لكن من أجرم في حقهما لم يحاسب بعد، وربما لن يحاسب.

****

أجريت للدكتورة منال البنا جراحة ضرورية، لكنها رغم تحذيرات الأطباء تحاملت على نفسها وذهبت لزيارة زوجها المعتقل الدكتور محمد عوض في سجن الأبعدية بمحافظة البحيرة، تدهورت حالتها الصحية لاحقا، وتوفيت متأثرة بجراحها وألمها النفسي.

تقدمت أسرتها بطلب لوزارة الداخلية للسماح لزوجها بالخروج من محبسه لتشييعها إلى مثواها الأخير وتلقّي العزاء، وطمأنة ومواساة الأبناء الخمسة، وأكبرهم في الرابعة عشرة.

رفض الطلب دون إبداء أسباب كالعادة، فالمعتقل لن يسهم في الدعاية الإعلامية كما جرى مع الناشط علاء عبد الفتاح الذي خرج وشقيقته، وشيّعا والدهما الراحل.

****

سارة راضي (27 عاماً) مريضة السرطان، تم احتجازها في المستشفى لتلقّى العلاج، ظلت تصر على زيارة والدها المعتقل، خصوصاً أن زوجها مطارد، ومطلوب اعتقاله، تم التصريح لها بزيارة والدها لكن ضابط السجن رفض السماح لها بالدخول دون أي مسوغ.

ماتت سارة متأثرة بمرضها، ورفض السماح لوالدها بتشييعها، أسرة أخرى بات مصيرها غامضاً، الأم توفيت والأب مطارد، والجد معتقل، وطفلاها الصغيران ينتظران قضاء الله.

 ****

محمد طفل في الخامسة، تغيب عن المنزل دون أن يعرف أحد مكانه، وخلال بحث الأسرة عنه وصلهم اتصال هاتفي يبلغهم أن ابنهم مخطوف، وأن فدية إطلاق سراحه مئتا ألف جنيه.

الأسرة التي لا تملك من حطام الدنيا شيئاً، لم تجد إلا ابلاغ الشرطة لاستعادة ابنها، لم تفعل الشرطة شيئا كالعادة، حررت محضراً ووعدت بالبحث، وفقط.

في اليوم الرابع عثر على جثة الطفل في مكب قمامة قريب من منزل أسرته، ليدخل والده حالة من الذهول ويتهم المجتمع كله بالتفريط في حق ولده.

****

وكم ذا بمصر اليوم من المبكيات. لكن الفجر آت.

المساهمون