"بيتر الأسود".. يثير أزمة تعايش في المجتمع الهولندي

"بيتر الأسود".. يثير أزمة تعايش في المجتمع الهولندي

17 نوفمبر 2014
احتكاكات بين متظاهرين مؤيدين ومعارضين للمهرجان (Getty)
+ الخط -

أشعل احتفال الهولنديين في المهرجان التقليدي السنوي المعروف بـ "الأَسْوَد بيت" أو "بيتر الأسود"، أزمة متجددة يخشى من تأثيرها على التعايش في المجتمع الهولندي.

فالمهرجان التقليدي الذي يتم سنويّاً في إطار احتفالات أعياد الميلاد، حيث تقول الأسطورة الشعبية، إن الطفل بيتر الأسود يعمل كمساعد عند بابانويل في توزيع هدايا عيد الميلاد على الأطفال ابتداء من الخامس من ديسمبر المقبل، يثير سخط الهولنديين من أصحاب البشرة الداكنة، إذ أنهم ينظرون إليه على أنه "يعيد روح العبودية ويبث العنصرية ضد السود باعتبارهم خدماً".

وفي مدينة جودا، التي تستضيف المهرجان، لهذا العام، وقعت مصادمات وعراك بالأيْدي بين تظاهرتين إحداهما تؤيد إقامة المهرجان والأخرى تعارضه وتطالب بتغيير لون بشرة الطفل بيتر، ما دفع الشرطة الهولندية إلى التدخل واعتقال أكثر من 60 متظاهراً من الطرفين.

ويخشى مراقبون لشؤون التعايش بين مختلف الأعراق في المجتمع الهولندي، من أن تفتح النقاشات والمصادمات حول المهرجان الباب على مصراعيه، نحو فرز وانقسام بدأت ملامحه في التشكل مع تنامي نبرة اليمين المتشدد عن هولندا "للهولنديين البيض".

وهو أمر يقلق حتى السياسيين الذين يخشون من انفلات الأمر، مع وجود أقليات كبيرة في هولندا ذات خلفية أفريقية وآسيوية وغيرهما.

ويقوم الهولنديون سنويّاً بتلوين وجوههم باللون الأسود للعب دور الطفل بيتر، ما يراه المعارضون لهذا التقليد "تعبيراً عن عنصرية هولندية"، وخرجوا، يوم السبت الماضي، في تظاهرات يرتدون ملابس مرسوم عليها وجه بيتر الأسود وإشارة حمراء تدعو إلى وقف استخدامه.

وتكررت المطالبات بوقف المهرجان، وخصوصاً في ظل زيادة أعداد السكان ذوي البشرة الداكنة والذين تعود أصولهم إلى المستعمرات الهولندية السابقة.

وما زاد الأمر تعقيداً هو اختيار أعضاء أحد الأحزاب اليمينية المتشددة في هولندا، طلاء وجوههم باللون الأسود ووضع شعر مستعار باللون نفسه، كإشارة سياسية.

ولم يبق أمر "بيتر الأسود" محصوراً في الداخل الهولندي، حيث قالت مسؤولة لجنة العمل التابعة لمنظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، فيرينا شيفرد، في شهر أكتوبر الماضي: "مجموعة العمل لا تفهم هذا الإصرار الهولندي على الاحتفاظ بتقليد عنصري واضح".

ذلك التصريح أغضب الهولنديين البيض، ودفع مليونين منهم للاشتراك في صفحة فيسبوك تدعو إلى استمرار التقليد المعمول به في هولندا، وبأنه ليس عنصريّاً ولا تمييزيّاً. ووقع 200 ألف هولندي رسالة احتجاج إلكترونية موجهة إلى الأمم المتحدة بعدم التدخل في مهرجان شعبي هولندي.

ما يثير بعض الهولنديين من أصول أفريقية هو ارتباط هولندا في الذاكرة بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ووجود من هم من أصول هولندية في تلك الحقبة في سدة حكم الأبرتايد.