إعانة أم إهانة... "قفة رمضان" الغذائية في الجزائر

إعانة أم إهانة... "قفة رمضان" الغذائية في الجزائر

28 مايو 2015
الأسعار ترتفع قبل حلول شهر رمضان (فرانس برس/GETTY)
+ الخط -
مع حلول شهر رمضان من كل عام في الجزائر، يعود الجدل القديم الجديد بشأن ما يطلق عليه محلياً "قفة رمضان"، وهي مواد غذائية تقدمها الحكومة للفقراء في الشهر الكريم، ففي حين يراها المسؤولون "إعانة" للمحتاجين، يعتبرها آخرون "إهانة" لهم.


الحكومة الجزائرية جنّدت عدة قطاعات كوزارات التضامن والشؤون الدينية والداخلية، وهيئة الهلال الأحمر، من أجل توزيع "قفة رمضان" قبيل حلوله، لضمان وصول المساعدات لمستحقيها في آجالها، وتفادي أي فوضى أو تجاوزات تصاحب العملية.

وتشرع المصالح المعنية، خلال الأسبوع المقبل، على مستوى المحافظات في توزيع "قفة رمضان" على مليون و700 ألف فقير، على شكل طرود غذائية تحتوي على أهم المواد الاستهلاكية للعائلة الجزائرية، بقيمة تصل إلى 6 آلاف دينار جزائري (61 دولاراً أميركياً).

وقالت مونية مسلم، وزيرة التضامن الوطني، خلال اجتماع لمجلس الوزراء، الأحد الماضي، إن "كل الإجراءات تم اتخاذها لضمان نجاح العملية التضامنية خلال شهر رمضان، والتي ستمس مليونا و700 ألف محتاج تم إحصاؤهم"، كما جاء في بيان للرئاسة الجزائرية. 

وشددت على وصول المساعدات لأصحابها في أماكن إقامتهم قبيل بداية الشهر الفضيل، حفظاً لكرامتهم، وتجنباً لكل الاختلالات التي قد تحدث أثناء عملية الإحصاء والتوزيع، وتصحيح الأخطاء التي تكون قد حصلت في الماضي.


في المقابل، ترفض مؤسسات حكومية وجمعيات خيرية إبقاء الحكومة على صيغة "قفة رمضان" كآلية لمساعدة المحتاجين خلال شهر رمضان، حيث ثبتت بالتجربة، خلال السنوات الماضية، عمليات اختلاس وتلاعب في قيمة هذه القفة، ووصولها إلى بعض المحتاجين متأخرة.

فقد جدّدت سعيدة بن حبيلس، رئيسة هيئة الهلال الأحمر الجزائري، في تصريح لصحيفة "البلاد" الخاصة، بداية الشهر الجاري، موقفها في اعتبار "قفة رمضان" إهانة للمواطن الجزائري، قائلة "الأمر الذي يمس كرامة الجزائري لا نسمح به"، معتبرة أنه يكرّس مظاهر الطبقية في المجتمع، عبر "اصطفاف المحتاجين في طوابير طويلة أمام البلديات، الأمر الذي يخدش كرامة وعزة العائلات المحتاجة".

من جهتها، رصدت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (مستقلة) وجود "10 ملايين جزائري يعيشون في فقر مدقع، ويحرمون من حقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك الغذاء"، ما يجعل توزيع الحكومة مساعداتها على مليون و700 ألف شخص لا يمثل إلا نسبة ضئيلة جداً من عدد المحتاجين. 

وكشفت الرابطة، في بيان لها، صدر في 17 مايو/أيار الجاري، أن معظم البلديات في الجزائر شرعت ابتداء من 4 مايو/أيار في استقبال ملفات الفقراء المعنيين بقفة رمضان، قبل أسابيع من حلول شهر رمضان.

وخلّفت عملية التسجيل "فوضى" داخل البلديات جراء الطوابير اللامتناهية من المواطنين الراغبين في الحصول على المساعدة، بحسب الرابطة.

وعبّر عدد من رؤساء البلديات عن استيائهم من "قفة رمضان" وما تثيره من سخط واحتجاج العائلات المحتاجة لها، فرأى رئيس بلدية برج الكيفان في العاصمة، حداد قدور، أن "الوقت غير كاف لدراسة الملفات بشكل دقيق، وتوزيع القفة قبل أسبوع من شهر رمضان"، لافتاً إلى أنّ "عدم تساوي المبالغ المخصصة لقفة رمضان في كل بلدية، وعدم تحديد المواد الغذائية، سيخلق لنا عوائق كبيرة في عملية التوزيع، وسوف نشهد في الأيام القادمة فوضى واحتجاجات واسعة داخل البلدية وفي محيطها".


كما أكد إلياس قمقاني، رئيس بلدية الدار البيضاء في العاصمة أن "هناك صعوبات تعترض عملية الإحصاء، وتوزيع المساعدات على المحتاجين في هذا الوقت القصير، رغم تسخير كل الوسائل لإنجاحها".

إلى ذلك، رأى النائب السابق في البرلمان أن "قفة رمضان إذلال للمحتاج، وتعمل على غرس سلوك الخنوع والكسل، والتي يغتنمها البعض للاختلاس منها على حساب المعوزين، وتصبح هي ذاتها بؤرة من بؤر الفساد الذي ينخر جسد الدولة".

من جهةٍ أخرى، أشار مصباح حراق، أستاذ الاقتصاد في جامعة ميلة (شرق)، إلى أنّ "الطبقة المعدمة في الجزائر في حالة توسع كبير، في ظل المؤشرات الاقتصادية السلبية التي نعرفها"، موضحاً أن "كل عائلة يقل دخلها عن 80 ألف دينار جزائري شهرياً (800 دولار أميركي) ليست قادرة على حياة كريمة، خصوصاً في شهر رمضان الذي تتضاعف فيه المصاريف وترتفع فيه الأسعار بشكل كبير".


اقرأ أيضاً: 4 ملايين جزائري يخافون انهيار منازلهم على رؤوسهم

المساهمون