عصابات تهدّد حيوانات الجزائر

عصابات تهدّد حيوانات الجزائر

29 مارس 2015
يتواطأ سكان محليون مع صيادي الغزلان (Getty)
+ الخط -

تتناقص في الجزائر الحيوانات البرية والنادرة والطيور عاماً بعد عام. حتى باتت من أفقر دول العالم في الثروة الحيوانية البرية. فقد شهدت البلاد في السنوات الأخيرة، وخصوصاً العام الجاري، عمليات صيد عشوائية غير مبررة، في كثير من المناطق، التي تأتي في مقدمتها صحراء الجنوب الغربي.

وتشير التقارير إلى أنّ ذلك النوع من الصيد تختص به وفود أجنبية وعربية، تجري في تلك المناطق جولات سياحية تتركز على صيد الغزلان وطيور الحبارى، وغيرها من أنواع الحيوانات البرية النادرة المهددة. وفي الولايات الصحراوية يشتهر صيد غزال الأروي المهددة بالإنقراض، والشرشمان (نوع من الزواحف) الذي يعتقد أنّه من المقويات الجنسية. وكذلك الصقور وأنواع أخرى من الطيور الثمينة والنادرة كطائر الحبّار.

ويتهيأ هؤلاء الصيادون للخروج في رحلة الصيد التي تستغرق أكثر من أسبوع. ويعدّون بنادق الصيد وسيارات الدفع الرباعي وما يكفيهم من مؤن. ويقصدون أماكن معينة داخل الصحراء يتكاثر فيها الأروي مثل منطقة فج النعام. ويمشّط الصيادون الصحراء بوسائل متطورة، ويرافقهم خبراء في تقفي أثر الحيوانات ورصدها. ليعمدوا بعد ذلك إلى قنص الحيوانات من دون أيّ احترام لأخلاقيات الصيد. وتشير التقارير إلى أنّهم يقتلون الغزلان بطرق وحشية، ولا يميزون في ذلك بين الغزالة المرضعة أو الحامل.
وبينما هنالك صيادون يتخذون من قتل الحيوانات هوايتهم، فإنّ آخرين يتاجرون بها، وتصل حصيلتهم في كلّ رحلة صيد إلى 50 غزالاً تقريباً. ويبيعون الغزلان بعد ذبحها وسلخها، بـ 8 دولارات أميركية لكلّ كيلوغرام.

أما الغزلان التي يقبض عليها حية، وغالباً ما تكون صغيرة فقدت أمها، فتسلخ من بيئتها الطبيعية، وتربط في أكياس لتهريبها خارج البلاد. وهذه التجارة بالذات يقف وراءها أمراء تهريب، يرسلونها إلى عدد من الدول العربية. كما قد يهرّب هؤلاء حيوانات ميتة بعد تصبيرها وتحنيطها وحشوها كنوع من الزينة.
وكانت الجزائر حتى زمن قريب موطناً للأسود والفهود والتماسيح بحسب الوثائق. لكن لم يبق فيها اليوم سوى الغزلان والذئاب والثعالب والقردة والخنازير البرية. وبسبب عمليات الصيد غير القانوني من طرف عصابات الحيوانات البرية فالمخاطر تهدد ما تبقى من حيوانات.
هذا ويدخل بعض عشاق الصيد وذبح الحيوانات النادرة إلى الجزائر تحت شعار إبرام الصفقات الاقتصادية والاستثمار والسياحة والتجارة. لكنّهم سرعان ما يتجهون إلى ممارسة هوايتهم في صيد الصقور والطيور النادرة والحيوانات خصوصاً أنّهم في بلدانهم ممنوعون من ذلك. لكنّ السكان المحليين في الصحراء يتواطؤون معهم، ويسهلون طريقهم بسبب الإغراءات المالية.

وفي هذا الإطار، يشير المنسق الوطني للجمعية الجزائرية للبيئة وترقية المناطق الصحراوية غمام عون عمار إلى أنّ عمليات التهريب لمختلف الحيوانات البرية والطيور الزاحفة، وكذلك الحشائش الطبيعية المستخدمة في الصناعات الدوائية، أخذت تتكاثر نظرا للطلب عليها في الجارة تونس. ويشير عمار تحديداً إلى بعض هذه الثروات كالشرشمان المعروف بسمك الرمال. ويقول إنّ أعداده المهرّبة تقدّر بالآلاف، ليعاد بيعها في تونس إلى دول عربية مقابل مبالغ كبيرة. أما الأرنب الصحراوي فيباع جلده للسياح الأجانب في تونس.

قانونياً، يشير المرسوم الرئاسي الجزائري رقم 05-06 المؤرخ في 15 يوليو/ تموز 2006 والمتعلق بحماية الأنواع الحيوانية المهددة بالانقراض والحفاظ عليها في مادته الرابعة، إلى أنّه "يُمنع منعا باتا، صيد الحيوانات المدرجة ضمن القائمة المحظورة، بأيّ وسيلة كانت، كما يمنع القبض على الحيوانات لمهددة بالانقراض، وحيازتها ونقلها وتحنيطها وتسويقها". وهو ما يعني أنّ عمليات الصيد العشوائية من طرف أشخاص وجماعات، داخلية وخارجية، ليس مرخصاً بها. وتنصّ المادة التاسعة من الأمر الرئاسي، على أنه يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة مالية كلّ من يخالف المادة الرابعة. كما يؤكد الأمر، على مصادرة منتوجات الصيد والأسلحة والذخائر والمركبات وكل الوسائل التي تم استعمالها في صيد الحيوانات أو حبسها. كما يتوعد القانون بمضاعفة العقوبة في حال العودة وتكرار المخالفة.
ومع ذلك، فإنّ القوانين تلك وغيرها من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تنص على حماية الحيوانات البرية في بيئتها الطبيعية، لم تتمكن بعد من وقف قتل ثروة الجزائر من الحيوانات البرية رغم أنّها ملك لكلّ أفراد الشعب.

دلالات