"المخدّرات الرقميّة" تقلق السعوديّين

"المخدّرات الرقميّة" تقلق السعوديّين

14 نوفمبر 2014
تمنح شعورا يماثل شعور تعاطي المخدرات (فرانس برس)
+ الخط -
شاهد عبد الله قاسم فيديو مسجلاً حول المخدرات الرقمية. في الدقائق الأولى ظنّ أن ما يراه برنامج خاص بعبدة الشيطان، وما يمارسونه في حفلاتهم على أنغام الموسيقى الصاخبة.

يقول إنه أصيب بأعراض شبيهة بأعراض الصرع. ويصف الحالة بأنها كما لو كانت مساً من الشيطان.

لم يسمع عبد الله بالمخدرات الرقمية من قبل، وما زال يتساءل عن حقيقتها. فهل هي مرض نفسي أو عقلي؟ ولماذا تسمى مخدرات؟ وهل يدمنها الشخص؟ أم أن تأثيرها وأعراضها فقط تشبه الإدمان؟

كثير من السعوديين كذلك، لا يعرفون شيئا عن المخدرات الرقمية. لكنّ من سمعوا بها أخيراً أصيبوا بالهلع، بسبب خوفهم على أبنائهم وأفراد أسرهم منها.

تتمنى نورة خلف أن يكف الإعلام عن الحديث عن المخدرات الرقمية، لأن ذلك سيلفت نظر الشباب إليها "وهذا ما لا ينقصنا"، كما تقول.

زكريا علي يبدي أيضاً استغرابه من اهتمام الإعلام العربي بالمخدرات الرقمية، بهذا الشكل. ويقول إن الإعلام "يضخّم خطرها، فهي غير منتشرة في عالمنا العربي بشكل ملموس". ويتساءل علي إن كان ما يبث من تقارير، يعتبر تحذيراً من المخدرات أم ترويجاً لها.

غير أن محمد الخواجة لم يكتف بما سمع عن المخدرات الرقمية، فقد قرأ الكثير عنها، وعلم أنها "ملفات صوتية بتردد معين تختلف ذبذباتها في الأذن اليمنى عن اليسرى، وتمنح شعورا يماثل شعور تعاطي المخدرات". أما عن سبب إطلاق هذا الاسم عليها، فيقول إنها "تؤدي إلى الإدمان على الشعور الناشئ عن الاستماع. كما تمنح المستمع إحساس المخدر المعطل للحواس".

من جهتها، شاهدت فاطمة أحمد برنامجاً عن المخدرات الرقمية. وتقول إنها تشبه الموسيقى، لكنّ المستمع إليها يشعر مع إغماض عينيه بتشنجات، وبعد فترة يدمن عليها. فيما تشير إلى أن
الملفات الصوتية تباع عبر مواقع إلكترونية موجودة في تركيا ولبنان. ويصل سعر الملف الصوتي إلى 30 دولاراً أميركياً.

في المقابل، يقلل خبير الكمبيوتر أحمد سامي، من خطر المخدرات الرقمية. ويقول لـ"العربي الجديد": "في صغرنا طلب منا أحد شيوخ الدين إجراء تجربة تتمثل في التمدد تحت السرير والاسترخاء هناك لمدة لا تقل عن ساعة، بينما عيوننا مغمضة والأنوار مطفأة، على أن نفكر خلالها في الموت والقبر. وبالفعل، قمت بالتجربة، لكنني لم أستطع الاستمرار فيها طويلاً بسبب تشتت العقل، وبدأت أفكاري الأخرى بالتسلل. والأمر ذاته ينطبق على المخدرات الرقمية.

فالمستمع إليها يبتعد بفكره، رغم أنه يعيش إحساس الاسترخاء. فالمخدرات الرقمية ليست سوى مؤثرات صوتية تعطي المرء تأثير المخدرات فقط، فتبعده عن المحيط الذي يعيش فيه".


بدورها، قررت ثلاث جهات حكومية سعودية أخيراً التصدي للمخدرات الرقمية. ولفتت إلى أنها انتشرت في الآونة الأخيرة. وقالت إن تداولها يتم عن طريق الملفات الصوتية عبر مواقع الإنترنت. فتم تكليف كل من اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، والمديرية العامة لمكافحة المخدرات، وهيئة الاتصالات، بمنع وصول هذه المخدرات إلى المستخدمين في السعودية.

فيما كشفت دراسة للباحثة الإماراتية علياء حسين مبارك، أن هذا النوع من المخدرات "يعمل عبر النقر في الأذنين بنغمتين متشابهتين، لكنهما تحملان ترددات مختلفة. وهو ما يعطي المخدرات القدرة على تغيير أنماط الموجات الدماغية، وتغييب الوعي بطريقة مماثلة لنتيجة تعاطي المخدرات، أو تحقيق حالة عميقة من التأمل والذهول، تصل أحياناً إلى شعور المتلقي بحالة من اللاوعي مصحوبة بهلوسة وفقدان الاتزان الجسدي".

وأوضحت الدراسة أن الاستخدام المفرط لتلك الأصوات أو النغمات يمكن أن يؤدي على المدى الطويل، إلى اضطرابات في النوم، تماماً مثل المنشطات التي تستخدم في الحالات المرضية كعلاج نفسي.

وبحسب آراء طبية استندت إليها الدراسة، فإن هذه النغمات ذات تأثير سيئ في كهرباء المخ. فهي لا تؤدي إلى الشعور بالابتهاج فحسب، وإنما تسبب ما يعرف بلحظة الشرود الذهني، التي تُعدّ من أخطر المراحل التي يصل إليها الدماغ.

وذهبت الدراسة إلى أن أهم نقاط الجذب الإعلاني في الترويج لتلك المخدرات، هي أنها قانونية. فليس هنالك قانون في العالم يمنع تحميل الملفات الصوتية، حتى إن كان لها تأثير المخدرات التقليدية.

كما أشارت إلى أن تسهيل تداول الملفات الصوتية يأتي بسبب استخدام الموجات في مجالات أخرى أيضاً، مثل العلاج النفسي للتوتر والقلق والأرق وعدم انتظام النوم.

المساهمون