دمشقيون لم ينتبهوا لضربة ترامب

دمشقيون لم ينتبهوا لضربة ترامب

15 ابريل 2018
موالون للأسد يحتفلون بعلمي روسيا وإيران (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -
لم تترك الضربة العسكرية التي وجهتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا فجر أمس السبت، أثراً في نفوس سكان العاصمة السورية دمشق، إذ شهدت المدينة مع حلول الصباح حركة اعتيادية روتينية مثل كلّ يوم، تزامناً مع بث النظام السوري دعاية الانتصار على الحلف المُهاجم، جراء ضربة عسكرية يصفها معارضون بأنّها مسرحية، بينما يعتبر آخرون أنّها جاءت لإظهار الرئيس السوري بشار الأسد بوضع المنتصر.

يعود عدم تأثير الضربة العسكرية في نفوس سكّان العاصمة، إلى عدّة أسبابٍ يأتي على رأسها أنّها توجّهت ضد نقاط عسكرية بحتة، ولم تهاجم أيّ نقطة مدنية أو تجمّعا سكّانياً، فضلاً عن الاستعداد النفسي لها، لا سيما أنّها أحدثت الضجة الإعلامية الكافية لجعل مدنيي العاصمة يتأهّبون لها. وقد رصدت "العربي الجديد" أحوال مدينة دمشق، كما تحدّثت مع سكّان محليين عن كيفية معايشتهم الهجوم.




ثمّة مدنيون مرّت الصواريخ من فوق مبانيهم لكنّهم لم يشعروا بها إطلاقاً، لا سيما في المناطق التي تتوسّط العاصمة دمشق كالمدينة القديمة، إذ وصلت آثار أصوات ضعيفة لا تكاد توقظ نائماً في سريره قبل بزوغ الفجر. صبا (23 عاماً) طالبة جامعية ومتطوّعة في جمعية خيرية تعيش في حي المزرعة بالعاصمة دمشق، تقول: "هل تصدّقني إذا قلت لك إنّي لم أسمع بالضربة العسكرية إطلاقاً؟". تضيف أنّها استيقظت بشكلٍ اعتيادي، وارتدت ملابسها وغادرت المنزل صباحاً إذ كان لديها موعد عمل. تتابع: "ركبت حافلة النقل العام، متجهة إلى الموعد. وعلمت من خلال الإذاعة التي كان صوتها يصدّع جميع الركاب أنّ هناك ضربة عسكرية. عندها، استخدمت هاتفها لتعرف تفاصيل ما حدث.

في المناطق والأحياء الغربية للعاصمة السورية دمشق كان المشهد مختلفاً، إذ اهتزّت المباني جراء القصف. تقع ضاحية قدسيّا في أقصى غرب العاصمة دمشق، وهي قريبة من منطقة "البحوث العلمية" التي كانت إحدى النقاط المستهدفة. اهتزَّ منزل إيهاب الواقع هناك بفعل الضربة. يقول الأربعيني لـ"العربي الجديد": "كانت عائلتي نائمة فشعرتُ أنّ حائط منزلي تحرّك ثم عاد إلى مكانه واهتزّ البناء برعب، ثم تبعت الاهتزاز أصوات انفجارات ضخمة وإطلاق نار كثيف من قبل أسلحة فردية". يضيف أنّه تجرأ وخرج إلى شرفة منزله ليتابع ما يجري تحديداً في الخارج، إذ شاهد سماء المنطقة حمراء وتعبرها صواريخ ترسم خطوطاً نارية. يضيف أنّه عندما شاهد الحادثة لم يفُاجأ لأنّه سمع عبر الأخبار أنّ هناك هجوماً عسكرياً مُرتقباً ضد مواقع للنظام، كما أنّ أي استهداف عسكري من هذا النوع لا بدّ أن تكون منشآت "البحوث العلمية" جزءاً منه. كان إيهاب مستعدّاً على المستوى النفسي. يتابع: "دخلت بأولادي إلى المنزل وبقينا أكثر من 45 دقيقة نسمع أصوات انفجارات وأصوات صفير لعبور الصواريخ، ثم ما لبثت أن هدأت تدريجياً لتتوقّف بعد دقائق". لم تستطع العائلة إكمال النوم، كما بقية سكّان الحي، تحسّباً لاحتمال هجومٍ جديد، أو أن يكون هذا الهدوء مجرّد توقّف عن القصف الذي قد يستمر.




ناشط من دمشق يقول لـ"العربي الجديد" إنّ قوات النظام السوري انتشرت بشكلٍ كثيف في الشوارع خوفاً من أي تحرّك قد يُخرج الأمور عن السيطرة: "حاولت النزول وتصوير ما يجري فلم أستطع بسبب عدم وجود كثير من المارة، وهو ما قد يعرّضني للاعتقال". يضيف الناشط، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أنّه خرج إلى سطح المبنى الذي يعيش فيه لتصوير الصواريخ في السماء، لكنّه عدل عن الفكرة بسبب الانتشار الكبير لعناصر قوات النظام في الشوارع. يوضح الناشط أن قوات النظام بدت كأنّها تعرف مسبقاً بموعد الضربة وأهداف الهجوم، إذ انتشرت بعد لحظات منه لضبط شوارع العاصمة.

بشار البطل!
سمع من حواجز قوات النظام السوري في العاصمة دمشق بث للإذاعات المحلية الموالية، امتد كذلك إلى عدد من النقاط. وكانت الإذاعات تبث أغاني وطنية موالية للرئيس السوري بشار الأسد، في محاولةٍ لإظهاره على أنّه البطل الذي قاوم الغرب. في هذا السياق، دعا مواطنون موالون للنظام إلى الخروج في مسيرات احتفالية، بمناسبة ما وصفوه بـ"النصر على العدوان الثلاثي" بحسب تعبيرهم.