ديمة السمان: لمواجهة تهويد التعليم في القدس

ديمة السمان: لمواجهة تهويد التعليم في القدس

17 سبتمبر 2014
المجتمع المقدسي قادر على التصدي للمخططات الإسرائيلية (محمد ادريس)
+ الخط -
أعلنت المدير العام لوحدة شؤون القدس في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، ديمة السمان، أن قطاع التعليم في القدس يحتاج إلى موازنة ضخمة لمواجهة مخططات الاحتلال الإسرائيلي، لافتة إلى أن وزارتها "تسعى إلى تقديم ما أمكنها للحفاظ على عروبة هذا القطاع". واتهمت الاحتلال الإسرائيلي بمحاولة تهويد وأسرلة قطاع التعليم الفلسطيني في القدس، من خلال فرض المنهاج الإسرائيلي على مدارس المدينة.

وفي ما يأتي لقاء "العربي الجديد" مع السمان.

- بدأت بلدية الاحتلال بتوزيع الكتب على مدارس القدس المحتلة وفق المنهاج الجديد المحرّف، فكيف ستردّ وزارة التعليم؟
الأمر ليس بجديد. فبلدية الاحتلال تقوم بطباعة الكتب المدرسية الفلسطينية وتحذف كل ما له علاقة بالانتماء الوطني منذ سنوات عدة. لكن وزارة التربية والتعليم الفلسطينية تعمد إلى توفير الكتب المدرسية الأصلية مجاناً لجميع الطلاب المقدسيين من دون استثناء، بالتنسيق مع مجالس أولياء الأمور. فالقانون يعطي الحق لولي الأمر باختيار الكتاب الدراسي الذي يريده لابنه وفق رغبته وحاجته.

- هل قمتم بخطوات عملية لمحاربة الخطوة الإسرائيلية هذه والتصدّي لها؟ وما طبيعة هذه الخطوات؟ وهل من دور لمجالس أولياء الأمور؟
قطاع التعليم في القدس مستهدف منذ أن ضم الاحتلال القدس عام 1967. وهناكَ محاولات إسرائيلية مستمرة للسيطرة عليه من خلال العمل على تجهيل الطلاب المقدسيّين، ليكونوا أيدي عاملة رخيصة لدى أصحاب عمل إسرائيليين بهدف استغلالهم مادياً وجسدياً ونفسياً، وبالتالي زجهم في المجتمع الإسرائيلي وتجريدهم من قيمهم الأصيلة ومشاعرهم الوطنية. يُضاف إلى ذلك مضيّ الاحتلال في تزوير وسرقة التراث والتاريخ، والعمل على محو الذاكرة الفلسطينية، لاستبدالها بذاكرتهم، وتهويد القدس بكل ما فيها. وبما أن قطاع التعليم هو الأكبر والأهم كونه على علاقة مباشرة بعقول أبنائنا وقيمهم ومعتقداتهم وانتماءاتهم، فقد وجده الاحتلال الأنسب لوضعه على سلم أولوياته. أما بالنسبة لأولياء الأمور، فقد كان لهم الدور الأكبر في هذه المعركة، فهناك تواصل مستمر وتعاون حثيث بين الوزارة ومجلس أولياء الأمور ومؤسسات المجتمع المدني، للحد من محاولات الاحتلال الساعية إلى تهويد التعليم. وقد أحبطنا مخططا لبلدية الاحتلال العام الماضي، حين عمدت إلى افتتاح شعبٍ في خمس مدارس تابعة لها لتدريس المنهاج الإسرائيلي (البجروت)، لكننا تمكنا من إغلاق بعضها. وفتحت مدارس الأوقاف التابعة للسلطة الوطنية أبوابها لاستيعاب أي طالب ينسحب من المنهاج الإسرائيلي ليلتحق بالفلسطيني، حتى لو أمضى فصله الدراسي الأول بدراسة المنهاج الإسرائيلي، تشجيعاً لعودة الطلبة إلى مناهجهم الفلسطينية التي تعزز لديهم روح الوطنية والانتماء والمسؤولية تجاه مجتمعهم وأرضهم.

ـ ماذا لو أصرّت سلطات الاحتلال على تطبيق المناهج؟ ما وسائلكم للرد عليها؟
استطاع المجتمع المقدسي بتكاتفه وإصراره وصموده ووعيه أن يحبط المخططات الإسرائيلية، ويلغي قرار تهويد المناهج والسيطرة الكاملة على قطاع التعليم في القدس المحتلة الصادر عام 1968، رغم مصادقة الكنيست الإسرائيلي على القرار في ذلك الوقت.
المجتمع المقدسي قادر على التصدي للمخططات الإسرائيلية بالتعاون مع وزارة التربية، رغم العوائق والعقبات التي يضعها الاحتلال في طريق تطور التعليم في القدس المحتلة، ورفضه منح التراخيص اللازمة لبناء المدارس، وإصداره أحكاماً بهدم بعض مباني المدارس الموجودة، مما أدى إلى نقص في الصفوف الدراسية وصل إلى ما يزيد على 1200 صف دراسي.
ويرفض الاحتلال منح معلمي الضفة من حملة التخصصات المختلفة التصاريح اللازمة لدخول القدس للقيام بواجبهم، مما تسبب بنقص حاد في التخصصات التعليمية لدى معلمينا، الأمر الذي ينعكس سلباً على العملية التعليمية. ورغم إمكانات الوزارة المالية المتواضعة، فإنها تستأجر المباني وتشتري أخرى وتعمل جاهدة على تأهيلها لتحويلها إلى مبانٍ مدرسية تستوعب الطلبة المقدسيين في صفوفها.
كما أن المدارس الخاصة المقدسية لها حصة في خطة الوزارة الخمسية، وتوفر لبعضها المختبرات العلمية ومختبرات الكومبيوتر والمكتبات والصيانة اللازمة، وفق شروط معينة. أما الكتب المدرسية فتوفرها مجاناً لجميع الطلبة المقدسيين من دون استثناء، وحتى مدارس البلدية والمعارف الإسرائيلية، بهدف تشجيعهم على اقتناء الكتاب الدراسي الأصلي غير المشوه، الذي يفتقد إلى روح الكتاب الأصلي وفلسفته، وخصوصاً مع عدم مراعاة تسلسل الأفكار والمعلومات، وحذف كل ما يعزز الانتماء الوطني للطالب، حتى لو جاءت ضمن أبيات قصيدة في كتاب اللغة العربية، أو أرقام إحصائية في كتاب الرياضيات، وغيرها من المواد الدراسية. لا أعتبر أن ما يحدث للمنهاج تحريفاً، بل تشويهاً وانتقاصاً من قيمة المعلومة التي وردت في الكتاب. فهم لا يحرّفون ولا يستبدلون كلمة بكلمة أخرى. فقد حصلوا على الكتاب المدرسي من موقع الوزارة الإلكتروني المخزّن على نظام pdf، وبالتالي ليس من السهل استبدال ما ورد في الكتاب الأصلي، ولكنهم يستطيعون حذف ما يريدون.

ـ ما حجم وطبيعة الدعم الذي تقدمه السلطة الفلسطينية إلى قطاع التعليم في القدس؟ وهل هذا الدعم كافٍ لمواجهة تحديات هذا القطاع؟
لا شك أن القدس تحتاج إلى الملايين من أجل النهوض بالعملية التعليمية. ومن المؤكد أن الدعم المقدّم لا يكفي وخصوصاً أن الاحتلال عمل على تهويد جميع القطاعات. ولم يسلَم حتى الآن سوى قطاع التعليم. علينا جميعاً أن نعمل جاهدين لحمايته والحفاظ على عروبته. كذلك، على العالمين العربي والإسلامي أخذ دورهما الطبيعي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في القدس، وإلا ستكون وصمة عار على جبين العرب والمسلمين. نحن في سباق مع الزمن، والاحتلال لا يُفوّت أية فرصة ويستغلها لتحقيق مآربه. نأمل بتحقّق صحوة عربية حقيقية توحدنا، وتعمل على إنقاذ المدينة المقدسة من براثن الاحتلال، لتجمعنا القدس مجدداً وتحتضننا داخل أسوارها العتيقة.

المساهمون