نداء للّعب في هولندا

نداء للّعب في هولندا

22 أكتوبر 2016
يلعب في الحضانة (العربي الجديد)
+ الخط -

ظهرت مدرسة جديدة في هولندا تُطالب بتعزيز مهارات اللعب لدى الأطفال. المؤيّدون لها استندوا إلى دراسات عدة تشير إلى مدى أهمية اللعب خلال السنوات الأولى، قبل اكتساب المهارات المعرفيّة.

يلاحظ بعض العاملين في قطاعي الصحّة النفسيّة وتعليم الأطفال، في هولندا، مدى أهمية تعزيز مهارات اللعب لدى الأطفال قبل المرحلة الابتدائية، وتجاوز النظريّات القديمة القائمة على تعزيز المهارات المعرفيّة للأطفال بين العام الأوّل والعام الرابع، خصوصاً المهارات اللغوية والحسابية، وهو ما تعتمده معظم الحضانات ودور الرعاية مع الأطفال.

أصحاب المدرسة القديمة، الذين يركّزون على الجوانب والمهارات المعرفيّة في اللغة والحساب والصحة النفسية، يرون أن أولئك الذين يتبنّون هذه المبادئ الجديدة لا يأخذون في الاعتبار تأثير الكتابة واللغات على تحصيل الفرد العلمي، على المدى المتوسط والبعيد، في أثناء الدراسة الثانوية أو الجامعية. أكثر من ذلك، يقولون إن جهود تعزيز الجانب اللغوي ناقصة.

إلى ذلك، يرى البعض أنّ التركيز على التعلّم والتواصل من خلال اللعب يفتح أفقاً لم يكتشف بعد. في هذا الإطار، تشير مديرة أحد مراكز تعليم الأطفال دون الرابعة من العمر، إلى محدودية الخيارات التعليمية التي يجب اتباعها في أثناء تعليم الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة. وترى أن الحساب أو اللغة ليسا مناسبين للمرحلة العمرية هذه.

هذه الأصوات الجديدة ترى أن التركيز الكبير على المهارات اللغوية والحسابية مخاطرة، ويمنع تجريب واكتشاف طرق جديدة قد تشكل نقلة وفارقاً في الحياة التعليمية. وتشكّك المدرسة الجديدة في قدرة الطفل في هذا العمر على تعلّم الأرقام والحساب وزيادة المفردات اللغوية. من جهة أخرى، فإن المهارات المعرفية التي يكونها الطفل تعدّ ضئيلة نظراً للوقت الذي يقضيه في المدرسة، بالإضافة إلى عمره. وقد تؤثّر على مهارات أخرى لا يتعلّمها الطفل في دار الرعاية أو المرحلة التحضيرية، مع العلم بأن المربي، أو المربية، لا يستطيع الاهتمام بأكثر من ثلاثة أطفال في وقت واحد.




وتستند المدرسة الجديدة إلى دراسات متخصّصة أشارت إلى ميل الأطفال في هذا العمر إلى الانخراط في أنشطة عملية، ومشاركة أطفال آخرين اللعب في الصفّ أو في باحة الملعب، وحتى خارج المدرسة وفي فترة ما بعد الظهر. ويرى هؤلاء أنّ الاهتمام بهذه الوسائل الجديدة قد يساهم في تنمية مهارات جديدة لدى الأطفال، وذلك قبل انخراطهم في المسيرة التعليمية الحقيقية. ومن بين تلك المهارات، التركيز والانتباه والتخطيط ومقاومة الإغراءات والقدرة على الحكم على من يصادفونهم أو يتعرّفون إليهم. لذلك، يجب على الأطفال الاستفادة من التعليم في المدرسة لاحقاً، واعتبار هذه المهارات أهم من الذكاء نفسه أو المكانة الاجتماعية.

هؤلاء، الذين يركّزون على أهميّة اللّعب، يلفتون إلى عدد من الأخطاء التي تحصل في الحضانات حالياً، وهي مقارنة الأهل مستوى ذكاء أطفالهم بما أحرزوه لغويّاً وحسابياً، من دون إيلاء أي اهتمام بالجوانب الاجتماعيّة والعاطفيّة، خصوصاً خلال النشاطات الجماعيّة والعملية، أو سلوكهم مع زملائهم أو المدرسين وغيرهم. هذه النشاطات العمليّة التي عادة ما تُطبّق من خلال ألعاب، يجب أن تتضمّن خططاً واضحة وضوابط ومشاعر إيجابية من الأطفال والمشرفين عليهم، ليستمتعوا في أثناء اللعب. ويطالبون أصحاب القرار والسلطات المحلية وأجهزة الرقابة الأخذ في الاعتبار مصلحة الطفل أولاً.

ويقول الباحث في المركز الهولندي لشؤون التعليم والتطوير، هارتيخر فاسينك، إن المهارات اللغوية والحسابية لا تساهم وحدها في تأسيس مواطنين يتمتّعون بالمسؤولية مستقبلاً. ويشير إلى أن الأموال المخصّصة لبرامج تعليم الأطفال في هولندا "لا تحقّق الفائدة للطفل بالضرورة". ورغم زيادة ميزانية العام المقبل لدعم تعليم الأطفال والنشاطات الترفيهية الخاصة بأبناء أصحاب الدخل المحدود، أطلقت المؤسسات التعليمية ومدارس المرحلة الابتدائية نداءات من أجل دعم أكبر للتعليم الابتدائي، خصوصاً زيادة عدد المدرسين.

ويلفت فاسينك إلى أن "التعليم الفعلي يبدأ في مرحلة ما قبل المدرسة"، أي الحضانة. ويوضح أنه عادة ما يكون الطفل متحمّساً للّعب في هذه المرحلة العمرية، مشيراً إلى أن البعض لا يفقدون حماستهم هذه حتى بعد انتقالهم إلى المرحلة الابتدائية. ويرى أنّ "التعلّم من خلال اللعب" بات مطروحاً من قبل عدد من العاملين في قطاع التعليم والرعاية، مشيراً إلى إمكانيّة استخدام اللعب من أجل دمج وتحسين الحالة العاطفية والإدراكية للأطفال، الذين يعانون من مشاكل أو أوضاع خاصة.