أزمات جديدة تحاصر اللاجئين بعد التشديدات في الدنمارك

أزمات جديدة تحاصر اللاجئين بعد التشديدات في الدنمارك

27 يناير 2016
(العربي الجديد)
+ الخط -
لم تمر التشديدات التي طاولت قوانين اللجوء والهجرة في كوبنهاغن، دون ردود فعل غاضبة محليا وخارجيا، فبعد أن تبنى البرلمان الدنماركي أمس قرارات جديدة بهذا الشأن وصلت حد اطلاع الرأي العام على تفاصيلها، بما فيها ما يتلقاه طالب اللجوء من مصروف حتى اندلعت المواقف الساخطة.

وأثارت تلك التشديدات التي حملت تخفيض المساعدة للاجئ بـ10 في المائة تندرا وغضبا شديدين.

وكان اللاجئ يتلقى يوميا 9 كرون و15 سنتا. أي حوالي دولار ونصف في اليوم. علما أن رحلة في الحافلة لمحطة واحدة داخل القرى والمدن تتطلب على الأقل ضعف ذلك المبلغ. ما أثار التهكم هو تخفيض الحكومة تلك المساعدة بـ92 سنتا أي أقل من 15 سنتا أميركيا.

حين سئل ساسة من الحزب الحاكم عن المغزى من تخفيض المعونة بهذا الشكل الذي اعتبره البعض "سخيفا ويعبر عن سياسة رمزية تحقر من طالبي اللجوء"، ارتبك هؤلاء ولم يستطيعوا الإجابة.

اليوم حوالي دولار وثلاثون سنتا هو ما سيتلقاه المقيمون في معسكرات اللجوء يوميا، بعد التعديلات التي جرى تبنيها أمس.

حزب اللائحة الموحدة اليساري ثالث الأحزاب البرلمانية عقب على تلك التخفيضات في تصريح لـ"العربي الجديد" عبر متحدث باسمه: "تلك مهزلة أخرى من مهازل سياسة إرسال الرسائل الخاطئة التي تريد القول لليمين المتطرف: أترون ها نحن نفعل ما ترغبون. إن الطفل الصغير إذا أراد تناول قطعة شوكولا فسعرها أكبر مما يحصل عليه طالب اللجوء بمرتين يوميا".

تخفيض قيمة المساعدة أثار إلى جانب التشديدات الأخرى التي سعت إليها إنغا ستويبرغ، وزيرة الدمج المتشددة في الحكومة، سجالا كبيرا اليوم الأربعاء، وأدى إلى خروج شخصية معروفة في الحزب الحاكم عن صمته، وهو رئيس جهاز الاستخبارات السابق، هانس يورن بونيكسن، بانتقاد لاذع للحكومة، متهما إياها بممارسة "سياسة شعبوية لإرضاء أقصى اليمين المتشدد"، معلنا وبشكل رسمي "ها أنا أعلنها. إني أقفز إلى خارج هذا الوعاء الذي يغلي" منسحبا من الحزب وعضويته.

حزب الشعب اليساري عبر عن صدمته من انكشاف ما يتلقاه طالبو اللجوء. وكان اللاجئون في ديسمبر/كانون الأول الماضي، كشفوا لـ"العربي الجديد" أنهم يتلقون كل أسبوعين ما قيمته أقل من 15 دولارا، قبل أن يصبح التعديل قانونا.

وذهب الغضب اليوم الأربعاء بشركات دنماركية معروفة، جرى دمجها في رسم كاريكاتوري لصحيفة "ذي غارديان" يظهر فيه رئيس وزراء الدنمارك بلباس نازي، وشخصيات ثقافية، إلى الإعلان عن رغبتها ألا تكون جزءا من هذه الصورة التي أصبحت عليها بلادهم. تلك الشركات أعادت التذكير بأزمة الرسوم المسيئة للرسول محمد عليه الصلاة والسلام وما سببته من ضرر لصورة البلاد وخسارتها الاقتصادية.

ما تخشاه الشركات الدنماركية هو انتشار رسم ساخر في صحيفة "فايننشال تايمز" التي وضعت الدنمارك في صورة تسلب اللاجئين ما يحملونه، ويخشى كثيرون "تهشم صورة البلاد في الخارج" بحسب ما يراه رجال أعمال وشركات.

ورغم الغضب الذي أبداه حزب "فينسترا" الحاكم من الرسم الكاريكاتوري عن الدنمارك، إلا إن حزب "راديكال" (يسار وسط) وعلى لسان مقررة شؤون الأجانب، صوفيا كارستن نيلسن، وجدت أن الرسم "مثل أي رسم ساخر نقبله، فلماذا الآن نرفض الرسوم الكاريكاتورية عن حزب سعى بنفسه إلى تقديم صورة مخيفة عن الدنمارك في الخارج؟ أليست هي الحكومة التي نشرت في صحف عربية إعلانات تحذر اللاجئين من القدوم إلى بلادنا لطلب اللجوء؟ فهل كانت تظن حكومة البلاد أن العالم من حولنا لن يعلم بما تقوم به من إجراءات؟".

أحد أكبر الصحف الدنماركية، والتي تملك صحفا صغيرة أخرى وهي صحيفة "بوليتيكن" جعلت في افتتاحيتها من التشديدات التي تم تبينها أمرا مخزية للبلاد، وأن "سياسة الحزب الحاكم تقامر بسمعة الدنمارك عبر سياسات رمزية مضرة للدبلوماسية والأمن الدنماركيين".

الفنان الصيني المعروف، أي ويوي، والذي تعرض أعماله الآن في أكبر متاحف الفن "آروس" في مدينة آرهوس الدنماركية، أعلن أنه سيسحب عرضه الفني من المتحف احتجاجا على ما أقدمت عليه حكومة كوبنهاغن من تشديدات كبيرة، وبدل استمرار العرض حتى أكتوبر/تشرين الأول القادم، أعلن أنه سيسحبه في مارس/آذار، حيث كتب على "انستغرام": "أشعر بصدمة كبيرة بسبب إقدام حكومة الدنمارك على خطوات الحجز على مقتنيات اللاجئين، وكنتيجة لهذه القرارات المؤسفة سأسحب عرضي الفني من معرضكم كتعبير عن احتجاجي ضد حكومتكم".

وكان أمين عام الأمم المتحدة السابق، كوفي عنان، وصف ما أقدمت عليه حكومة كوبنهاغن بأنه "مخالف للقوانين الدولية"، الأمر الذي أفزع بعض الدنماركيين الذين باتوا يشبهون أزمة صورة بلادهم بما مرت به في أثناء أزمة الرسوم المسيئة للرسول.


اقرأ أيضا:البرلمان الدنماركي يقر قوانين مشددة ضد اللجوء