تقرير حقوقي يتهم السلطات الجزائرية بقمع الحريات وملاحقة الناشطين

تقرير حقوقي يتهم السلطات الجزائرية بقمع الحريات وملاحقة الناشطين

08 ديسمبر 2018
مظاهرة مناهضة لقمع حرية الرأي والتعبير في الجزائر(العربي الجديد)
+ الخط -
رسم تقرير أصدرته "الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان" صورة قاتمة وانتهاكات تمارس ضد حقوق الإنسان في الجزائر، على خلفية التضييق على العمل النقابي والناشطين وعلى الحريات والصحافة، إضافة إلى تردي الأوضاع المعيشية وتزايد الهجرة السرية للشباب.

وكشف التقرير الذي صدر اليوم السبت، بمناسبة الذكرى السبعين لإطلاق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، خرق الحكومة للحقوق والحريات النقابية، وتجريم ممارسة الحقوق والحريات النقابية، خلال الإضرابات العمالية التي عرفتها الجزائر خلال العام الجاري، ومنها إضراب الأطباء المقيمين الذي استمر أكثر من تسعة أشهر، وكذلك قطاعات التربية والتعليم العالي، والموانئ والخطوط الجوية الجزائرية. كما انتقد تنصل السلطات من حق التظاهر السلمي المكفول دستوريا. واعتبر أنه "حق مرهون بقرار السلطات المسؤولة التي منعت العديد من المظاهرات، وقمعت الكثير من الوقفات بالتدخل وإنهاء الاعتصام".

وندد التقرير بتسليط الحكومة لقانون الجمعيات الصادر عام 2012، واعتبر أنه قانون "يحكم السيطرة على جماعات المجتمع المدني، ويمنح السلطات القدرة على رفض تسجيلها أو تمويلها وتعليق نشاطها أو حلها"، لافتاً إلى أن مواد كثيرة في هذا القانون تتعارض مع التزامات الجزائر بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يحمي حقوق حرية التعبير والتجمع والتجمهر، ويستخدم لتقييد أنشطة جماعات المجتمع المدني.

وركز التقرير على تزايد حملات الاعتقال في صفوف الصحافيين، وانتقد تضييق السلطة على الحريات الصحافية وحرية التعبير. وأفاد أن "وضع حرية الصحافة في الجزائر معاكس لتلك التي تسوقها السلطة خصوصا في المناسبات الرسمية المرتبطة بحرية التعبير والإعلام، حيث صنفت الجزائر في مرتبة متأخرة ضمن تصنيف دولي شمل 180 دولة، حيث احتلت المرتبة 136 في عام 2018".

وأشار التقرير إلى "عدم تواني السلطات في خنق الصحافة تحت ذريعة حفظ الأمن والاستقرار، حيث أصبح المشهد الإعلامي قاتما في الجزائر، والتي تشهد موجة من الغلق القسري لجرائد مكتوبة وتضييق على القنوات التلفزيونية، واستخدام السلطة للإشهار". ولفت التقرير إلى استخدام السلطات للقضاء والتشريعات لمعاقبة المعارضين السلميين، مؤكداً أن نشطاء وصحافيين ما زالوا يتعرضون للتضييق والتلفيق الممنهج من طرف الحكومة الجزائرية، مع ملاحقتهم قضائياً أو سجنهم لمجرد كتابة أحدهم تعليقاً على حدث عام في مواقع للتواصل الاجتماعي.

وطالب التقرير الحكومة الجزائرية بترسيم إلغاء حكم الإعدام من قانون العقوبات، بعد أن أوقفت الجزائر تنفيذ أحكام الإعدام منذ عام 1993، وبحل مسألة المفقودين ضحايا الاختفاءات القسرية منذ التسعينيات والمفقودين ضحايا الهجرة السرية التي تنامت تنامياً بالغاً. كما أشار إلى سوء معاملة المهاجرين الأفارقة وعمليات الترحيل القسري من الجزائر إلى بلدانهم.

وتناول التقرير مسألة تراجع الخدمات الصحية "وفشل نظام المساعدة الطبية لذوي الدخل المحدود، والندرة الحادة في كثير من أدوية الأمراض المزمنة، وعودة ما يوصف بأمراض الفقر منها مرض السل والحصبة والتيفوئيد والقمل والكوليرا. وسجل التقرير تزايد حالات الاعتداءات على الأطفال واستغلالهم في العمل مع "تسجيل أزيد من 13 ألف حالة اعتداء وعنف خلال عام 2017، من بينها العنف الجسدي من سوء المعاملة والضرب المبرح، ووجود 200 ألف طفل يستغلون في العمل مع تنامي ظاهرة الأطفال المتشردين، وتفاقم ظاهرة التسرب المدرسي إذ تسجل الجزائر سنويا ما يقارب 350 ألف حالة تسرب من المدرسة".

ولفت التقرير إلى أن الجزائر لم تشهد أي تحسن في تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، بل تحتل المرتبة 127 لعام 2017، بحسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، إضافة إلى ظاهرة العنف ضد المرأة مع تسجيل إحصائيات مصالح الأمن خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2018 تعرض أكثر من 7061 امرأة لمختلف أنواع الاعتداءات.

وفي الغالب ترفض السلطات الجزائرية هكذا تقارير. واستبقت "رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان" (هيئة استشارية تابعة للرئاسة) فافا بن زروقي، أمس الجمعة صدور التقرير، مشيرة إلى أن تقارير محلية ودولية حول وضع حقوق الإنسان في الجزائر، صدرت وتصدر "تتحامل على الجزائر ومعدة من طرف منظمات غير حكومية تكتفي بتقديم تقارير مبنية على رسائل مجهولة المصدر".