مأساة المهاجرين تتواصل بعد الموت..لا مقابر لدفنهم في تونس

مأساة المهاجرين تتواصل بعد الموت... لا مقابر لدفنهم في تونس

15 يوليو 2019
انتشال ضحايا مركب المهاجرين الغارق (أنيس ميلي/فرانس برس)
+ الخط -
لم تنته مشاكل المهاجرين السريين الذين غرق مركبهم قبالة سواحل تونس قبل نحو أسبوعين رغم وفاتهم، إذ رفضت بعض البلديات دفن جثامينهم بمقابرها، ونُقلت الجثث إلى بلديات أخرى بطريقة تخالف أعراف حقوق الإنسان.


وتم أمس الأول السبت، انتشال آخر جثة لركاب المركب الغارق قبالة سواحل مدينة جرجيس، من قبل وحدات الحرس البحري والحماية المدنية ومتطوعي الهلال الأحمر التونسي، ليبلغ العدد الإجمالي للجثث التي تم انتشالها 82 جثمانا من بين 86 مهاجرا غادروا ليبيا في اتجاه السواحل الإيطالية، وتم إنقاذ 4 منهم، قبل أن يتوفى أحدهم بمستشفى جرجيس، وتم إيواء الثلاثة الآخرين بأحد مراكز المهاجرين.

واستنكر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ما أقدمت عليه بلدية جرجيس من دفن جماعي لجثث المهاجرين، معتبرا أن "ما وقع أثناء انتشال الجثث، ونقلها إلى مستشفى قابس، ومن ثمة البحث عن أماكن للدفن مخجل من حيث التعامل مع الذات البشرية بعد الموت. للأسف تم نقل الجثث في شاحنات معدة لنقل الفضلات، إضافة إلى محاولات عدد من البلديات التخلي عن مسؤولياتها الإنسانية والأخلاقية في إيجاد مكان لائق للدفن".

وقال المكلف بالإعلام بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، لـ"العربي الجديد"، إن "المنتدى نبه منذ عدة أعوام من طرق التعامل مع جثث المهاجرين التي تظهر على السواحل التونسية، وطالبنا بتخصيص مقابر لدفنهم، فضلا عن مساعدة العائلات على استعادة رفات أبنائهم، وتوفير بنك معطيات عن طريق الحمض النووي لتحديد الهويات".
وأشار إلى أن "هذه المطالب جاءت من منطلق التجربة التي عاشها أهالي التونسيين المفقودين في إيطاليا، والذين يواجهون صعوبات في العثور على أبنائهم، مما يعمق معاناتهم المتواصلة".

وأوضح بن عمر أنه "بمتابعة ملف المركب الأخير الغارق، وبعد انتشال 82 جثة، لاحظنا بعض الإيجابيات في التعامل مع الحادثة المأساوية، والتي يمكن البناء عليها مستقبلا، وبينها مشاركة المجتمع المدني والمتطوعين في انتشال الجثث. هذا الأمر لا يخفي وجود سلبيات من بينها غياب وسائل نقل الجثث في ظروف تحفظ كرامة الذات الإنسانية".

وأضاف: "رغم أخذ عينات من الحمض النووي من كل الجثث، وهي خطوة هامة، إلا أن بعض البلديات تملصت من واجبها الإنساني والأخلاقي في دفن الجثث، حيث رفض بعضها القيام بعمليات الدفن، في حين خصصت بلدية جرجيس مقبرة لدفن المهاجرين، لكنها لم تكن في قبور فردية، بل أشبه بقبور جماعية وضعت فيها الجثث متلاصقة، وتم وضع علامات عليها، وهي طريقة غير مقبولة إذ يمكن للعوامل المناخية أن تخفي البيانات، بينما يجب أن يكون الدفن بطريقة تسهل على العائلات العثور على جثث أبنائهم".
وأشار إلى أن "مقبرة جرجيس التي تُدفن فيها جثث المهاجرين من جنوب الصحراء منذ عام 2011، تواجه مشكلة في تجاوز طاقة الاستيعاب، ورغم أن الهلال الأحمر خصص قطعة أرض لهذا الغرض، إلا إنها ما زالت في انتظار التهيئة، ولا بد من التسريع بذلك، وعلى بقية البلديات تحمل مسؤوليتها للمساهمة في الجهد الإنساني، وفي دفن المهاجرين بكرامة، فهؤلاء حرموا من كرامتهم وهم أحياء، وكانوا ضحية سياسات إقصائية وعصابات تهريب، ودفنهم بكرامة هو أقل واجب".

دلالات

المساهمون