المغرب: الاتحادات العمالية تلوّح بالتصعيد

المغرب: الاتحادات العمالية تلوّح بالتصعيد

06 نوفمبر 2015
الاتحادات العمالية تتهم الحكومة بالاستخفاف بمطالبها (فرانس برس)
+ الخط -
تتجه الاتحادات العمالية في المغرب إلى الخروج عن الهدنة غير المعلنة مع الحكومة، حيث ينتظر أن تعلن الأسبوع المقبل، عن خطوات تصعيدية، بعدما بدا لها أن الحكومة عاقدة العزم على الانفراد بإصلاح نظام التقاعد، من دون الأخذ بمطالب العمل.
وعقدت، مساء أول أمس الأربعاء، أربعة اتحادات عمالية، اجتماعا حظي بالكثير من الاهتمام، حيث نتج عنه الإعلان عن قرار عقد مؤتمر صحافي يوم الثلاثاء المقبل، من أجل الكشف عن "البرنامج النضالي"، الذي تهدف الاتحادات العمالية من خلاله إلى الضغط على الحكومة، التي يرأسها عبد الإله بنكيران.
الاجتماع كان منتظرا منذ أيام، غير أن ما أثار الانتباه كثيرا هو انضمام الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، التابع لحزب الاستقلال المعارض، إلى التحالف الثلاثي الذي يضم كلا من الاتحاد المغربي للشغل (أقدم اتحاد عمالي في البلاد، والأكثر حضورا في بعض القطاعات الحساسة في المغرب)، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والفيدرالية الديمقراطية للشغل.
ورأى عضو الاتحاد النقابي للموظفين، محمد الهاكش، أن انضمام الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، إلى التحالف، قد يؤشر على الرغبة في تجسيد الدعوة التي عبرت عنها المركزيات النقابية الثلاث منذ مدة، من أجل خلق جبهة اجتماعية في مواجهة قرارات الحكومة التي تعتبرها مستخفة بمطالبها.
وتأتي أهمية الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، من كونه يتمتع بحضور قوي في العديد من القطاعات، ثم إن بانضمامه للتحالف الثلاثي، يكون قد ارتضى التخلي عن النهج الذي سار عليه سلفا، حيث كان يخوض جولات الحوار الاجتماعي مع الحكومة، بعيدا عن التحالف الثلاثي، ما رأى فيه الكثيرون إضعافا للحركة النقابية.

ويعتبر بعض المراقبين أن الاتحادات العمالية فقدت الكثير من تأثيرها، في مواجهة رئيس الحكومة الذي يعول على قدراته التواصلية من أجل مخاطبة الناس مباشرة وإقناعهم بتصوراته. وقد ذهبت المندوبية السامية للتخطيط إلى أن الاتحادات العمالية تمثل 3% من العمال، بينما تؤكد مصادر من الاتحادات أن تمثيليتها تصل إلى حوالى 7%، وتؤكد أن قوتها تتمثل في القطاعات الحيوية التي لها فيها حضور كبير.
وبعيدا عن حدث انضمام الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، انتبه المراقبون، أول أمس، للقرارات التي اتخذها زعماء الاتحادات، الذين لم يشاؤوا التعبير عن نواياهم تجاه الحكومة، حيث دعوا إلى انتظار يوم العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
غير أن ما رشح من الاجتماع يشير إلى أن قيادات النقابات وضعت على الطاولة جميع الخيارات المتاحة لديها من أجل التعبير عن غضبها، حيث أكد مصدر نقابي لـ"العربي الجديد"، أن الآراء تأرجحت بين تنظيم مسيرة وطنية أو الإعلان عن إضراب عام. هذان الخياران ينتظر أن يحسم فيهما الأمناء العامون قبل الثلاثاء المقبل.
ويأتي اجتماع هذه القيادات في ظل ضغط تمارسه قواعدها التي تطالب بالتصعيد في وجه الحكومة، حيث اعتبرت مجالسها الوطنية التي تعتبر بمثابة برلمانات تابعة للاتحادات، حين انعقادها في الأسبوع الماضي، أنه لم يعد ثمة جدوى من إرسال مذكرات بالمطالب للحكومة، مادامت لا تتعامل بجدية معها. وشدد البعض على ضرورة التصعيد عبر اعتصامات أمام البرلمان ومسيرات وطنية أو الإضراب العام.

اقرأ أيضا: مئات المغاربة يحتجّون على غلاء الكهرباء والماء

تلويح الاتحادات العمالية بالتصعيد الذي لا يُستبعد أن يصل إلى الإضراب، يأتي في سياق تعبيرها عن ضيقها مما أعدته استخفافا من جانب الحكومة بالحوار الاجتماعي، ولجوء رئيس الحكومة إلى بلورة مشاريع قوانين حول إصلاح نظام التقاعد في الوظائف الحكومة من دون التوافق حوله.

غير أن التقاعد ليس السبب الوحيد الذي يدفع الاتحادات العمالية إلى التعبير عن تذمرها، بل إنها تشتكي من كون مشروع موازنة العام المقبل المعروض حاليا على تصويت البرلمان، لم يتضمن إجراءات يمكنها أن تفضي إلى الرفع من الأجور وتحسين الدخل، وهو المطلب الأساسي الذي تشبثت به تلك الاتحادات خلال الحوار الاجتماعي في الأشهر الأخيرة.
تزامن اجتماع الاتحادات العمالية مع عقد بعثة من صندوق النقد الدولي تزور المملكة من أجل التشاور مع المسؤولين المحليين، ندوة صحافية، أول أمس الأربعاء، حيث جرى التأكيد على دعم المؤسسة الدولية لإصلاح التقاعد، الذي يتناول المقاييس الخاصة بمساهمات الموظفين وسن التقاعد، الذي ينتظر رفعه من 60 عاما إلى 63 عاما.
وكانت المفاوضات توقفت منذ أكثر من ثلاثة أشهر بين الحكومة والاتحادات العمالية، بعد تمسك رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران بضرورة الحسم في ملف إصلاح التقاعد، في الوقت الذي تصر الاتحادات على عدم فصل ذلك الملف عن مسألة رفع الأجور وتحسين الدخل، وتعبر عن رفضها لضرب القدرة الشرائية للعمال والموظفين، عبر خفض معاشات التقاعد، حيث تعتبر ذلك خطا أحمر.
ودأبت الحكومة المغربية في الأعوام الأخيرة على التعبير عن ضيقها من ارتفاع كتلة الأجور، حيث تتوقع أن تصل في العام المقبل إلى 11.3 مليار دولار، بزيادة بنسبة 1.22% مقارنة بالعام الجاري، وهو المبرر الذي تواجه به الحكومة الاتحادات العمالية، للتعبير عن عدم وجود هوامش للزيادة في الأجور.
وانتقدت الأمانة العامة للاتحاد المغربي للشغل، الأسبوع الماضي، الحكومة لانفرادها بوضع مشروع قانون مالية العام المقبل، حيث لم تبادر إلى الدعوة إلى جولة للحوار الاجتماعي، قبل عرض المشروع على البرلمان.
واستعادت الأمانة، في بيان صحافي، المطالب التي يعبر عنها الاتحاد منذ أشهر، والمتمثلة في الزيادة في الأجور والمعاشات، وإعادة النظر في الضريبة على الدخل من أجل تحسين الدخل، ورفع التعويضات العائلية.
ولا يكتفي الاتحاد بهذه المطالب، بل إنه يسعى إلى حث الحكومة على الوفاء بالتزامات كانت أبرمت بشأن اتفاق قبل أربعة أعوام، خاصة تلك التي تهم حماية الحريات النقابية.

اقرأ أيضا: المغاربة يترقبون إطلاق مشاريع ضخمة بالصحراء