إيران تدعّم اقتصادها عبر بغداد

إيران تدعّم اقتصادها عبر بغداد

05 يوليو 2015
العبادي مع الرئيس الإيراني، حسن روحاني (أرشيف/Getty)
+ الخط -

أصبح العراق الشريك التجاري الأول لإيران على مستوى السلع غير النفطية، رغم عقوبات الغرب على طهران بسبب برنامجها النووي وتدهور الوضع الأمني في بغداد، في ظل تفاقم الصراع بين الجيش العراقي وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، حيث استفاد الطرفان العراقي والإيراني من الحدود المشتركة بين البلدين والتي تمتد إلى 1400 كيلومتر وتضم 15 نقطة حدودية بينهما، كما كانت انعكاسات التقارب السياسي واضحة على الجانب الاقتصادي.

وارتفع التبادل التجاري بين البلدين من 730 مليون دولار عام 2005 إلى 12 ملياراً في عام 2012، ليبلغ 13 ملياراً في 2014، وفق ما أعلن الملحق التجاري في السفارة الإيرانية في بغداد، محمد رضا زاده، ما يعني زيادة بمقدار 7.79% عن العام الذي سبقه.

وتوقع مسؤولون إيرانيون ارتفاع حجم التبادل بين طهران وبغداد خلال السنوات القادمة ليصل إلى 25 ملياراً.

وانعكست الزيارات المتبادلة بين الطرفين، على حجم التعاون الاقتصادي، كانت آخرها زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى طهران الشهر الماضي، والذي صحبه خلالها وفد اقتصادي، فضلاً عن زيارات لهيئات اقتصادية عراقية برفقة مسؤولين من بلادهم، كما عقد اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين خلال زيارة نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري لبغداد في وقت سابق.

ونشر موقع "اقتصاد إيراني" تقريراً أكد أنه خلال شهر مارس/ آذار الماضي، خصص العراق 40.94% من سوقه للبضائع الإيرانية، وهي التي عادت بأعلى الفوائد على إيران منذ بدايات عام 2015.

كما أبدى التجار الإيرانيون رغبة كبيرة بالاستثمار في السوق العراقية خلال هذا العام، وعزا الموقع الأمر إلى خسارة إيران التدريجية لسوق آسيا المركزية، وعدم تطور الوضع إيجاباً في أفغانستان وفراغ السوق العراقية بسبب الوضع الأمني في هذا البلد.

وأعلنت غرفة التجارة الإيرانية العراقية في تقرير سابق، أنه من الواضح أن الواردات التي تدخل العراق من ميناء العقبة في الأردن، ومن الطرف السعودي، فضلاً عن الواردات من تركيا، قد تأثرت سلباً وبشكل ملحوظ، وهذا فتح المجال في السوق العراقية أمام إيران بشكل كبير خلال هذا العام.

اقرأ أيضاً: حملة عراقية لمقاطعة منتجات إيران

وفي هذا السياق، يقول الخبير في الاقتصاد الإيراني، أحمد صالحي، لـ"العربي الجديد"، إن العلاقات الإيرانية العراقية تطورت بشكل بارز خلال السنوات الأربع الماضية على وجه الخصوص لأسباب عدة، أبرزها أن طهران تسعى لبناء ما بات يسمى اصطلاحاً بالاقتصاد المقاوم، حيث تدهورت العديد من القطاعات بفعل العقوبات الغربية التي فرضت على إيران بسبب برنامجها النووي، وهو ما استدعى التركيز على خطط لتدعيم الاقتصاد من خلال زيادة حجم الصادرات وتقليل حجم الواردات، وكان العراق خياراً مثالياً لأسباب عدة، أبرزها ما يتعلّق بقرب هذا البلد جغرافياً من إيران وقلّة تكاليف النقل والجمارك بينهما، وكل هذا مقابل العائدات الطائلة التي يحصل عليها العراق من سوقه النفطية.

وأضاف صالحي أن أهم المجالات التي يبرز فيها التعاون الاقتصادي تتعلّق بالطاقة، سواء مشاريع الغاز أو الكهرباء والصادرات البتروكيماوية، وكلها تحت إشراف القطاع العام الإيراني، ومنها ما يتعلق بالصادرات الغير نفطية وعلى رأسها الصادرات الغذائية واللباس والدواء والأدوات المنزلية وحتى السيارات، وهناك التعاون الاستثماري الذي يبدو جلياً في مشاريع عديدة أبرزها المشاريع السكنية التي يتبناها المقاولون الإيرانيون، وتبلغ قيمتها في الوقت الحالي ما يعادل 5 مليارات دولار.

ويستقبل العراق 70% من الخدمات الفنية والهندسية الإيرانية في وقت يحتاج فيه هذا البلد لمشاريع من هذا النوع، حسب صالحي، الذي أكد على أن المشاريع مستمرة، ولا سيما تلك المتعلقة بالنقل بين البلدين ومد السكك الحديدية واستثمارات المقاولين الإيرانيين في قطاع السكن في العراق.

وأشار صالحي إلى وجود منافسين لإيران في ما يتعلق بسوق الصادرات الغذائية والاستهلاكية، وعلى رأسها تركيا، لكنه أكد على أن الساحة ستبقى شاغرة أمام إيران خلال السنوات القادمة، قائلاً إن وجود آلاف معامل ( مصانع) الإسمنت في إيران يعني التجهيز لتصدير هذه المادة وتبني مشاريع عديدة في كل من العراق وأفغانستان.

واستبعد خبراء إيرانيون تراجع حجم التبادل التجاري بين البلدين في حالة توقيع اتفاق نووي نهائي بين إيران والغرب، رغم أن المجال سيفتح أمام طهران لتعود للسوق العالمية بقوة وتطور علاقاتها التجارية والاقتصادية مع الآخرين.

وتوقع مراقبون أن يستمر انتعاش التبادل التجاري بين البلدين الفترة المقبلة، فالعراق سوق مفتوح أمام إيران ويشكل لها قوة توازن إقليمي، حيث إن الطرفين مهتمان بتحسين العلاقات السياسية عبر تعزيز التعاون الاقتصادي.


اقرأ أيضاً: إيران تبتلع اقتصاد العراق

المساهمون